للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتيت بشيء كالمنديل أو كالخرقة البيضاء، فوضعت في حسناتي فقيل لي: تدري ما هذا؟ قلت: لا. قال: سقط كان لك. قلت: إنه قد كانت لي صبية ابنة لي فقيل لي: تيك ليست لك؛ لأنك كنت تتمنى موتها".

وفي هذا إشارة إِلَى أن الميزان إِنَّمَا يثقل بما يثقل عَلَى النفوس من المصائب ويشق، فأما ما لا يثقل عليها ولا يشق -لمن يتمنى موته من أولاده- فلا يثقل به الميزان.

قال ابن أسلم: "مات ابن لداود -عليه السلام- فحزن عليه حزنًا شديدًا.

فأوحى الله: ماذا كنت مفتديه؟ قال: بطلاع الأرض ذهبًا. قال: فأوحى الله إِلَيْهِ: "إِنَّ لك عندي من الأجر بحساب ذلك" وفي رواية: "قال: يا داود، ما كان يعدل هذا الولد عندك؟ قال: كان يعدل عندي ملء الأرض ذهبًا، قال: فلك يوم القيامة عندي ملء الأرض ثوابًا".

سبحان من لا يحصي العبادُ نعمه، وربما كانت نعمه فيما يسوء أكثر من نعمه فيما يسر، كما قيل:

[شعر].

إذا مس بالسراء عم سرورها ... وإن مس بالضراء أعقبها الأجرُ

وما فيهما إلا له فيه نعمة ... تضيق بها الأوهام والبر والبحر

لمّا كان للمؤمن داران: دار يرتحل منها، ودار ينتقل إليها ويقيم بها، أمره أن ينقل من دار ارتحاله إِلَى دار إقامته؛ ليعمرها من بعض ما أعطاه في دار ارتحاله وربما أخذ منه كرها ما يعمر به دار إقامته، ويكمل له به عمارتها وإصلاحها، ويقدم له إليها ما يحب من أهل ومال وولد، يسبقونه إليها ليقدم عَلَى ما يحب من مال وأهل وولد، وإن كان المؤمن لا يشعر بذلك.