للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأهل بلده من غيرهم- قال فيه: ما أعلم فيه إلا خيرًا. وقال ابن عدي: هو في نفسه صالح، إلا أن يروي عنه ضعيف فيؤتى من قبل ذلك الضعيف. هذا الحديث، قد رواه عنه غير واحد من الثقات.

وقد خرَّج الإمام أحمد (١) من رواية فرج بن فضالة، عن علي بن يزيد عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْحَقَ الْمَزَامِيرَ وَالْبَرَابِطَ (٢)، وَالْمَعَازِفَ وَالْأَوْثَانَ". ذكر بقية الحديث وفي آخره: "وَلا يَحِلُّ بَيْعُهُنَّ وَلا شِرَاؤُهُنَّ، وَلا تَعْلِيمُهُنَّ تِجَارَةٌ فِيهِنَّ وَأَثْمَانُهُنَّ حَرَامٌ. يَعْنِي الضَّارِبَاتِ" وفرج بن فضالة مختلفٌ فيه أيضاً، ووثقه الإمام أحمد وغيره.

وخرَّج الإسماعيلي وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثمن المغنية حرام وغناؤها حرام" وإسناده كلهم ثقات متفق عليهم، سوى يزيد بن عبد الملك النوفلي، فإنه مختلف في أمره.

وخرج حديثه هذا محمد بن يحيى الهمداني في "صحيحه" وقال: في النفس من يزيد بن عبد الملك. مع أن ابن معين قال: ما كان به بأس. وبوّب الهمداني هذا في "صحيحه" عَلَى تحريم بيع المغنيات وشرائهن، وهو من أصحاب ابن خزيمة وكان عالمًا بأنواع العلوم، وهو أول من أظهر مذهب الشافعي بهمدان، واجتهد في ذلك بماله ونفسه، وكان وفاته سنة سبع وأربعين وثلاثمائة رحمه الله تعالى.

وخرَّج في باب تحريم ثمن المغنية من رواية أبي نعيم الحلبي، ثنا ابن المبارك، عن مالك، عن ابن المنكدر، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قعد إِلَى قينة (٣) يستمع منها صُبّ في أذنيه الآنُكُ (٤) يوم القيامة".


(١) في "المسند" (٥/ ٢٥٧، ٢٦٨).
(٢) البرابط: جمع بربط، وهي آلة طرب، تشبه العود. "النهاية" (١/ ١١٢).
(٣) القينة: الأمة، غنت أو لم تغن والماشطة، وكثيرًا ما تطلق عَلَى المغنية من الإماء.
"النهاية" (٤/ ١٣٥).
(٤) هو الرصاص الأبيض، وقيل الأسود. "النهاية" (١/ ٧٧).