للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (١)، وفي "الصحيح" (٢): "إذ أذنب عبدٌ ذنبًا ... " الحديث.

وهو المانع من العقوبة في قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (٣)، وإن ورد مقرونًا بالتوبة اختص بالنوع الأول، فإن لم يصحبه الندم عَلَى الذنب الماضي، بل كان سؤالاً مجردًا فهو دعاء محض، أن صحبه ندمٌ فهو توبةٌ.

والعزمُ عَلَى الإقلاع من تمام التوبة، والتوبة إذا قُبلت فهل تقبل جزمًا أم ظاهرًا؛ فيه خلاف معروف.

فيقال: الاستغفار المجرد هو التوبة مع طلب المغفرة بالدعاء، والمقرون بالتوبة هو طلب المغفرة بالدعاء فقط.

وكذلك التوبة إِن أطلقت دخلَ فيها الانتهاء عن المحظور، وفعل المأمور؛ ولهذا علق الفلاح عليها، وجعل من لم يتب ظالمًا. فالتوبة حينئذٍ تشمل فعل كل مأمور، وترك كل محظور، ولهذا كانت بداية العبد ونهايته، وهي حقيقة دين الإسلام.

وتارة تُقرنُ بالتقوى، أو بالعمل فتختص حينئذ بترك المحظور، والله أعلم.

وفي فضائل الاستغفار أحاديث كثيرة منها:

حديث: "جلاء القلوب تلاوةُ القرآن والاستغفار" (٤).


(١) آل عمران: ١٣٥.
(٢) أخرجه البخاري (٧٥٠٧)، ومسلم (٢٧٥٨).
(٣) الأنفال: ٣٣.
(٤) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٨/ ١٩٧)، والخطيب في "التاريخ" (١١/ ٨٥) عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "إِنَّ هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد. قالوا: يا رسول الله، فما جلاؤها؟ قال: قراءة "القرآن".
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٧/ ٢٩) عن أنس مرفوعًا بلفظ: "إِنَّ للقلوب صدأ كصدأ الحديد وجلاؤها الاستغفار".