للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو خلف عبد الله بن عيسى، ثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن اليهود جاءت إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم منهم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف فقالوا: يا محمد، صف لضا الَّذِي بعثك. فأنزل الله: "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد" فيخرج منه الولد، "ولم يولد" فيخرج من شيء".

وأما التفسير:

فقوله: {قل} هذا افتتاح للسورة بالأمر بالقول كما في المعوذتين وسورة الجن.

وقد "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المعوذتن فَقَالَ: قيل لي فقلت" (١) وذلك إشارة منه إِلَى أنه مُبلغ محض لما يوحى إِلَيْهِ، ليس فيه تصرف لما أوحاه الله إِلَيْهِ بزيادة ولا نقص، وإنما هو مبلغ لكلام ربه كما أوحاه إِلَيْهِ، فَإِذَا قال: {قل هو الله أحد} كان امتثالاً للقول الَّذِي قِيلَ لَهُ بلفظه لا بمعناه، و"هو": اسم مضمر قيل: إنه ضمير الشأن، وقيل: لا.

و"الله أحد" إِنَّ قيل هو ضمير الشأن، فالجملة مبتدأ وخبر. وإن قيل: لا، ففيه وجهان:

أحدهما: أن "هو" مبتدأ، و"الله أحد" مبتدأ وخبر، وهما خبر للمبتدأ الأول، ولا حاجة فيه إِلَى رابط؛ لأنّ الخبر هو المبتدأ بعينه.

والثاني: أن "هو" مبتدأ، و"الله" خبره، و"أحد" بدل منه.

و"أحد": اسم من أسماء الله يُسمى الله به ولا يسمى غيره من الأعيان به.

فلا يسمى شيء من الأشياء أحدًا في الإثبات إلا في الأعداد المطلقة.

وإنما يسمى به في النفي، وما أشبهه من الاستفهام، والنهي، والشرط كقوله: {ولم يكن له كفوًا أحد} وقوله: {هل تُحسُّ مِنْهُم مِنْ أحدٍ} (٢) وقوله: {فلا تدعوا مع الله أحدًا} (٣) وقوله: {وإن أحد من المشركين استجارك} (٤) ونحوه.


(١) أخرجه البخاري (٤٦٩٢).

(٢) مريم: ٩٨.
(٣) الجن: ١٨.
(٤) التوبة: ٦.