أصلين، ربما يتكون من جزئين ينفصلان من الأصلين، كتولد الحيوان من أبيه وأمه بالمني الَّذِي ينفصل منهما، وكالنار المتولدة من بين الزندين، سواء كانا خشبين أو حجرين أو حجرًا وحديدًا.
وهو سبحانه صمد، لا يخرج منه شيء منفصل عنه.
والحيوان نوعان: متوالد وهو ما ولده من جنسه، وهو الإنسان وما يخلق من أبوين من البهائم والطير وغيرهما.
ومتولد: وهو ما يخلق من غير جنسه كدود الفاكهة والخل، وكالقمل المتولد من الوسخ، والفأر والبراغيث وغير ذلك مما يخلق من التراب والماء، وإنما يتولد من أصلين أيضاً كما خلق آدم من تراب وماء.
وإلا فالتراب المحض الذي لم يختلط به ماء لا يخلق منه شيء لا حيوان ولا نبات، والنات جميعه إِنَّمَا يتولد من أصلين أيضًا.
والمسيح -عليه السلام- خلق من مريم ونفخة جبريل، وهي حملت به كما تحمل النساء وولدته، فلهذا يقال له: ابن مريم، بخلاف حواء، فإنها خُلقت من ضلع آدم فلا يقال إنه أبوها، ولا هي ولده. وكذلك سائر المتولدات من غيرهما.
كما أن آدم لا يقال إنه ولد التراب ولا الطين، والمتولد من جنسه أكمل من المتولد من غير جنسه، ولهذا كان خلق آدم أعجب من خلق أولاده.
فَإِذَا نزه الرب عن المادة العلق، وهي التولد من النظير، فتنزه به عن تولده من غير نظير أولى، كما أن تنزيهه عن الكفء تنزيه له عن أن يكون غيره أفضل منه بطريق الأولى.
فتبين أن ما يقال إنَّه متولد من غيره من الأعيان القائمة بنفسها، لا يكون إلا من مادة تخرج من ذلك الوالد، ولا تكون إلا من أصلين، والرب تعالى صمد؛ فيمتنع أن يخرج منه شيء، وهو سبحانه لم يكن له صاحبة، فيمتنع أن يكون له ولد.