وأما تولد الأعراض كتولد الشعاع، وتولد العِلْم عن الفكرة، والشبع عن الأكل، والحرارة عن الحركة ونحو ذلك.
فهذا ليس من تولد الأعيان، مع أن هذا لا بد له من محل، ولا بد له من أصلين كالشعاع، فإنه يحتاج إِلَى محاذاة جسم نوري لجسم آخر يقابله، فينعكس عليه شعاعه.
فقد تضمنت هذه السورة العظيمة نفي نوعين عن الله تعالى: أحدهما: المماثلة، ودل عَلَى نفيها قوله تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} مع دلالة قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} على ذلك؛ لأنّ أحديته تقتضي أنه متفرد بذاته، وصفاته؛ فلا يشاركه في ذلك أحد.
والثاني: نفي النقائص والعيوب، وقد نفى منها التولد من الطرفين.
فإن الأحدية تقتضي انفراده بصفاته، وامتيازه عن خلقه بذاته وصفاته.
والصمدية إثبات جميع صفات الكمال ودوامها وقدمها؛ فإن السيد الَّذِي يصمد إِلَيْهِ لا يكون إلا متصفًا بجميع صفات الكمال، التي استحق لأجلها أن يكون صمدًا، وأنه لم يزل كذلك ولا يزال، فإن صمديته من لوازم ذاته لا تنفك عنه بحال.
ومن هنا فسر الصمد بالسيد الَّذِي قد انتهى سؤدده، وفسره عكرمة بالذي ليس فوقه أحد.
وروي عن علي وعن كعب: أنه الَّذِي لا يكافئه أحد في خلقه.
وعن أبي هريرة قال: هو المستغني عن كل أحد، المحتاج إِلَيْهِ كل أحد.
وعن سعيد بن جبير قال: هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله.