متكافئة متماثلة، فالذهب يكافئ الذهب، والإنسان يكافئ الإنسان ويزاوجه، ولهذا قال تعالى:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}(١)، فما من مخلوق إلا وله كفء هو زوجه ونظيره، وعدله ومثيله، فلو كان الحق من جنس شيء من هذه الأجناس لكان له كفء وعدل، وقد علم انتفاؤه بالشرع والعقل.
فهذه السورة هي نسب الرحمن وصفته، وهي التي أنزلها الله في نفي ما أضاف إِلَيْهِ المبطلون من تمثيل وتجسيم، وإثبات أصل وفرع، فدخل فيها ما يقوله من يقوله من المشركين والصائبة، وأهل الكتاب ومن دخل فيهم من منافقي هذه الأمة، من تولد الملائكة أو العقول أو النفوس أو بعض الأنبياء أو غير الأنبياء.
ودخل فيها ما يقول من يقوله من المشركين وأهل الكتاب من تولده عن غيره، كالذين قالوا في المسيح أنه الله، والذين يَقُولُونَ في الدجال أنه الله، والذين يَقُولُونَ ذلك في علي وغيره.
ودخل فيها ما يقوله من يقول من المشركين وأهل الكتاب من إثبات كفء له في شيء من الأشياء، مثل من يجعل له بتشبيهه أو بتجسيمه كفوًا له، أو يجعل له بعبادة غيره كفوًا، أو يجعل له بإضافة بعض خلقه إِلَى غيره كفوًا، فلا كفء له في شيء من صفاته، ولا في ربوبيته ولا في إلهيته.
فتضمنت هذه السورة تنزيهه وتقديسه عن الأصول والفروع، والنظراء والأمثال.
وليس في المخلوقات شيء إلا ولا بد أن ينسب إِلَى بعض هذه الأعيان والمعاني، فالحيوان من الآدمي وغيره لا بد أن يكون له إما والد وإما مولود، وإما نظير هو كفؤه، وكذلك الجن والملائكة، كما قال تعالى:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(١).