للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعض السَّلف: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فتعلمون أن خالق الأزواج واحد.

قال تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} (١) قال مجاهد: كل شيء خلقه الله فهو شفع قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (٢) الكفر والإيمان، والهدى والضلالة، والشقاوة والسعادة، والليل والنهار، والسماء والأرض، والبر والبحر، والشمس والقمر، والجن والإنس، والوتر الله تبارك وتعالى.

وهو الَّذِي ذكره البخاري في "صحيحه" فإنه يعتمد قول مجاهد لأنّه أصح التفسير، قال الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. واختاره الشيخ مجد الدين ابن تيمية.

وحقيقة الكفء: هو المساوي والمقاوم؛ فلا كفء له تعالى في ذاته ولا في صفاته، ولا في أسمائه ولا في أفعاله، ولا في ربوبيته ولا في إلهيته، ولهذا كان الإيمان بالقدر نظام التوحيد كما قال ابن عباس؛ لأنّ القدرية جعلوا له كفوًا في الخلق.

وأما توحيد الإلهية، فالشرك فيه تارة يوجب الكفر والخروج من الملة والخلود في النار، ومنه ما هو أصغر كالحلف بغير الله والنذر له، وخشية غير الله ورجائه، والتوكل عليه والذلِّ له، وقول القائل: ما شاء الله وشئت.

ومنه ابتغاء الرزق من عند غير الله، وحمد غيره عَلَى ما أعطى، والغنية بذلك عن حمده، ومنه العمل لغير الله وهو الرياء، وهو أقسام.

ولهذا حرم التشبيه بأفعاله بالتصوير، وحرم التسمي بأسمائه المختصة به كـ"الله والرحمن والرب".

وإنما يجوز التسمية به مضافًا إِلَى غير من يعقل، وكذلك الجبار والمتكبر


(١) الفجر: ٣.
(٢) الذاريات: ٤٩.