للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بظهور سيدها. فلم يدخل عَلَى نكاح حرة في نفس الأمر، فلهذا كان ولدها منه تبعًا لها في حريتها الظاهرة ورجوعهم إلي الرق بظهور السيد، وهذا بخلاف الغرور الَّذِي لم يشعر برق المرأة المغرور بحريتها بالكلية، وبخلاف من شهد بموته اثنان، فحكم بعتق أم ولده ثم ظهر حيًّا؛ لأنّ العتق هنا استند إِلَى بينة شرعية، يجب العمل بها، بخلاف الحكم بعتق أمهات أولاد المفقود، فإنه إِنَّمَا استند عليه ظن مجرد.

وعلى هذين المحملين يحمل كلام الحسن البصري في قوله: ولدها بمنزلتها.

ونقل مهنا عن أحمد في أم ولد غاب عنها، فمكثت سنتين، ثم جاءها الخبر أنه قد مات. فزوجها، أخوها، فدخل بها وولدت منه، ثم جاء سيدها، لمن يكون الولد؟ قال: للآخر، {وعلى} (١) الَّذِي زوجها قيمة الولد، يدفعه إِلَى السيد. فقلت له: وترجع إِلَى سيدها؟ قال: نعم".

فهذه المسألة إِن حملت عَلَى أنها زوجت بخبر ثبت به الموت شرعًا كانت مما نحن فيه.

وإن حملت عَلَى أعم من ذلك دخلت فيه أم ولد المفقود، وأيضًا فقصة عثمان وعلي -رضي الله عنهما- تدل عَلَى جواز نكاح أم ولد المفقود عند إباحة نكاح نسائه {لأنّ} (٢) وقوع ذلك في كلام عثمان إِنَّمَا يكون بعلمه وإذنه غالبًا، فإن مثل هذه القضايا المشكلة لا يفتات فيها عَلَى الإمام، وقد تنازع العُلَمَاء في توقيفها عَلَى إذن الإمام عَلَى قولين مشهورين، هما روايتان عن أحمد.

ولو قدر أنها لم تكن بإذن عثمان فالظاهر أنها كانت عن فتاوى أعيان علماء الصحابة. وأسوأ ما تقدر أن ذلك وقع عن غير فتيا ولا حكم، لكنه لم ينكر مع ظهوره واشتهاره.


(١) في "الأصل": "وعن" والمثبت أنسب للسياق.
(٢) في "الأصل": "لا" والمثبت أنسب للسياق.