ولأحمد -رضي الله عنه- نصوص كثيرة في هذا المعنى، وكذلك مذهب إسحاق بن راهويه، قال حرب: قال إسحاق: المفقود هو الَّذِي يفقد من موضع منزله، أو في كورة (١) أخرى، أو في طريق سفر أو غيره يكون معهم ثم يفقدونه فيَقُولُونَ: أين فلان؟ وأين ذهب؟ فلا يدري الجن ذهبت به، أم مات، أم غاب حيث لا يدري في بر أو بحر. فهذا المفقود.
فأما إذا غاب عن منزله إِلَى سفر أو قصد كورة فكان فيها في تجارة أو حاجة ثم انقطع علمه عن منزله وأهله فلم يأتهم خبر؛ فإن هذا لا يسمى مفقودًا، هذا غائب، ولا يحكم له حكم المفقود.
وقال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: ما المفقود؟
قال: لا يكون مفقودًا حتى يغزو أو يركب البحر فينكسر بهم، أو رجل خرج من الليل فَسَبتْهُ الجن، فهو عَلَى قول عمر.
قال إسحاق -يعني: ابن راهويه-: هو عَلَى ما قاله، وكذلك كل ما رئي في موضع ثم فقد منه.
وأما مالك -رضي الله عنه- فالمفقود عنده أقسام منها المفقود في التجارة، فتتربص امرأته أربع سنين ثم تعتد.
ومنها المفقود في معارك القتل، فيجتهد فيه الإمام، وليس فيه أجل معلوم، ثم تعتد بعد الاجتهاد عدة الوفاة.
وأما الأسير عنده إذا انقطع خبره، فلا يفرق بينه وبين امرأته.
وحكى ابن المنذر عن سعيد بن المسيب أن المفقود بين الصفين تؤجل امرأته سنة، وإن فقد في غير صف فأربع سنين.
وعن الأوزاعي قال: إذا فقد -يعني: في الصف- ولم يثبت عَلَى أحد منهم أنهم قتلوا وأسروا، فعليهن عدة المتوفى عنهن ثم يتزوجن.
(١) قال الجوهري: الكورة: المدينة. "اللسان" مادة: (كور).