وقال ابن عقيل من أصحابنا في كتاب "المفردات": قد يباح الفسخ وطلاق الحاكم لأجل الغيبة إذا قصد بها الإضرار، بناء عَلَى أصلنا: إذا ترك الاستمتاع بها من غير يمين أكثر من أربعة أشهر، فعلى هذه الغيبة المضرة بمجردها قد أثبتت الفسخ لنكاحه، انتهى.
وهذا الأصل الَّذِي أشار إِلَيْهِ قد ذكره القاضي في خلافه ومن تبعه، وهو ترك الوطء لقصد الإضرار بغير يمين أن حكمه حكم المولى، وأخذه من قول أحمد، في رجل تزوج بامرأة، فلم يدخل بها ويقول: اليوم أدخل، وغدًا أدخل، قال: أذهب إِلَى أربعة أشهر، إِن دخل بها وإلا فرق بينهما.
ونص فيمن ظاهر من امرأته سنة فجاءت تطالب فليس له أن يعضلها بعد أربعة أشهر، ثم تطلق عليه إِن أبي التكفير والطلاق.
وقال ابن عقيل في "عمدة الأدلة" وفي كتاب "المفردات": عندي إِن قصد الإضرار خرج مخرج الغائب، وإلا فمتى حصل إضرارها بامتناعه من الوطء، وإن كان ذاهلاً عن قصد الإضرار تضرب له المدة. وذكر في آخر كلامه: إِن حصل له الضرر بترك الوطء لعجزه عنه كان حكمه كالعنين.
فيؤخذ من كلامه أن حصول الضرر للزوجة بترك الوطء لعجزه عنه كان حكمه يقتضي الفسخ بكل حال، سواء كان بقصد من الزوج أو بغير قصد، وسواء كان مع قدرته أو عجزه، وكذا ذكره الشيخ تقي الدين ابن تيمية في العاجز، وألحقه بمن طرأ عليه خنث أو عُنة، وبالعاجز عن النفقة.
وذكر أبو الخطاب، وصاحب "المحرر" إِن امتنع من وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر بغير عذر، وطلبت الفرقة فرق بينهما، ولم يعتبرا قصد الإضرار.
وقال صاحب "المغني": لابد أن يظهر دليل يدل عَلَى إرادة الضرر.
ومذهب مالك وأصحابه أن ترك الوطء من غير عذر يوجب الفسخ مع اختلافهم في تقدير المدة، فهذا كله في حق الزوجات.