للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه مخالفة للأئمة وعموم الناس المتبعين لهم وحينئذ فلا يجوز أن يؤمر من رأى الهلال، أو من أخبره برؤيته من يثق به أن يتبع الإمام والجماعة معه، ويترك ما قد عرفه من الحق.

فالجواب: أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، وذلك أن الصلاة لها وقت محدود في الشرع معلوم أوله وآخره علمًا ظاهرًا، فمن غيره من الأئمة (لم تجب) (*) متابعته في ذلك؛ لأنّ فيه موافقة عَلَى تغيير الشريعة. وذلك لا يجوز فنظير هذا من مسألتنا أن يشهد شهود عدول عند حاكم برؤية هلال ذي الحجة أو رمضان، فيقول: هم عندي عدول ولا أقبل شهادتهم أو نحو ذلك مما يظهر فيه أنه تعمد ترك الواجب بغير عذر، فهنا لا يلتفت إِلَيْهِ ويعمل بمقتضى الحق، وإن كان يظهر له التقية إذا خيف من شره. كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة مع أولئك الأمراء نافلة. وهذا بخلاف الأمور الاجتهادية التي تخفى ويسوغ في مثلها الاجتهاد، كقبول الشهود وردهم؛ فإن هذا مما تخفى أسبابه.

وقد يكون الحاكم معذورًا في نفس الأمر؛ ففي مثل هذا لا يجوز الافتئات عَلَى الأئمة ونوابهم ولا إظهار مخالفتهم، ولو كانوا مفرطين في نفس الأمر، فإن تفريطهم عليهم لا عَلَى من لم يفرط. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأئمة: "يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم" خرَّجه البخاري (١) والله اعلم.

انتهى ما ذكره الشيخ -رحمه الله تعالى.

...


(*) لم تجز: "نسخة".
(١) برقم (٦٩٤).