للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجازه النخعي لذي القرابة خاصة، وأجازه مالك في النقل إِلَى المدينة خاصة والنقلُ فيه تأخيرُ الإخراج؛ فكما يؤخّر الأداء إِلَى الوصول إِلَى مكانٍ فاضل، تفضل فيه أبوابُ النفقة؛ فكذلك تُوخِّر إِلَى زمان فاضل تفضل فيه الصدقة.

بل التأخير إِلَى الزمان أولى؛ لأنّه ليس فيه عدولٌ عن فُقراء بلد الصدقة، ولا نقلٌ لها عن غيرهم.

وقد استشكل أحمدُ قولَ عُثمان: هذا شهرُ زكاتكم.

قال إبراهيم بنُ الحارث: سُئل أحمد عن قول عثمان: هذا شهر زكاتكم.

قال: ما فُسِّر أي وجه هو. قيل: فليس يُعرف وجهه؟ قال: لا.

قال الأثرم: قلتُ لأبي عبد الله: حديثُ عثمان: هذا شهر زكاتكم. ما وجهه؟ قال: لا أدري.

وأما {حديثُ} (١) عثمان: فحدَّثنا به من قال: ثنا ابنُ المبارك، ثنا معمر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: سمعتُ عثمان، يقول: "هذا شهرُ زكاتكم" (٢). يعني: رمضان.

قال القاضي أبو يعلى: لقد نُقل عن السائب بن يزيد، أنَّه قال ذلك في شهر رمضان. ونُقل عنه أنّه قال ذلك في المحرَّم.

قلتُ: قوله: يعني رمضان. ليس هو من قول السائب، بل من قول من بعده من الرُّواة.

وحمل القاضي هذا الحديث: عَلَى أنَّ الإمام يبعثُ سُعَاته في أوَّل السنة، وهو أول المحرَّم. فمن كان حال حولُه أخذ منه زكاته، ومن تبرَّع بأداء زكاة لم تجب عليه قُبل منه، ومن قال: لم يحل حولي أخَّره.


(١) إضافة يقتضيها السياق.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ١٩٤) وتتمته: "فمن كان عليه دين فليقضه، وزكوا بقية أموالكم".