للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نص أحمدُ وغيره عَلَى أن من خشي أن يرجع عليه الساعي بالزكاة، أنَّه عذرٌ له في تأخير إخراجها.

وقال مالك وغيرُه من العُلَمَاء: لا تجب الزكاةُ في الأموال الظاهرة إلا يوم مجيء السُّعاة. نقله عنه أبو عُبيد.

وقالت طائفة: معنى قول عُثمان: "هذا شهيرُ زكاتكم". يُستحب فيه تعجيل زكاتكم. نقل ذلك القاضي في "خلافه"، وردَّه عَلَى قائله.

وروى أبو عبيد في كتاب "الأموال" (١): ثنا إبراهيمُ بن سعد، عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، قال: سمعتُ عُثمان بن عفان، يقول: "هذا شهرُ زكاتكم. فمن كان عليه دينٌ فليؤدِّه حتى تُخرجوا زكاة أموالكم، ومن لم يكن عنده لم يُطلب منه حتى يأتي بها تطوعًا، ومن أُخذ منه لم تُؤخذ منه حتى يأتي هذا الشهر من قابل" قال إبراهيم: أراه يعني شهر رمضان.

قال أبو عُبيد: وقد جاءنا في بعض الأثر، ولا أدري عمَّن هو: أنَّ هذا الشهر الَّذِي أراد عُثمان المحرَّم.

وقد قال بعضُ السَّلف: ذلك الشهر الَّذِي كان يُخرج فيه الزكاة نُسي، وأنَّ ذلك من المصائب عَلَى هذه الأمة. فروى أبو زرعة في تاريخه، قال: سألت أبا مُسهر، عن عبد العزيز بن الحُصين: هل يُؤخذ عنه؟ فَقَالَ: أمَّا أهلُ الحزم فلا يفعلون. قال: فسمعتُ أبا مُسهر يحتجّ بما أنكره عَلَى عبد العزيز بن الحُصين. ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري فَقَالَ: كان من البلاء عَلَى هذه الأمة أن نسوا ذلك الشهر. يعني: شهر الزكاة. قال أبو مُسهر: قال عبد العزيز: سمَّاه لنا الزُّهري.

وقد رُوي أنَّ الصحابة كانوا يُخرجون زكاتهم في شهر شعبان إعانة عَلَى الاستعداد لرمضان، لكن من وجهٍ لا يصح (٢).


(١) ص ٣٩٥.
(٢) وقال المؤلف في "لطائف المعارف" ص ١٧٤ وفي الإسناد ضعف.