للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى يحيى بن سعيد العطَّار الحمصي، ثنا سيفُ بن محمد، عن ضرار ابن عمرو، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: "كان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استهلَّ شهر شعبان أكبّوا عَلَى المصاحف فقرءوها وأخذوا في زكاة أموالهم فقووا بها الضعيف والمسكين عَلَى صيام شهر رمضان، ودعا المسلمون مملوكيهم فحطوا عنهم ضرائب شهر رمضان، ودعت الولاةُ أهل (السجون) (١) فمن كان عليه حدٌّ أقاموه عليه وإلا خلَّوا سبيله.

يحيى، ومن فوقه إِلَى يزيد: كلُّهم ضُعفاء.

وأمَّا مذاهب العُلَمَاء في هذه المسألة: قال ميمون بن مهران: إذا حال الحولُ أخرج زكاته، وله أن يشتغل بتفرقتها شهرًا لا يزيد عليه.

قال أبو عُبيد: ثنا علي بن ثابت، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: اجعلها صررًا ثم ضعها فيمن تعرف، ولا يأتي عليك الشهر حتى تفرقها.

وصرَّح أصحابُنا: بجواز تأخير إخراجها يسيرًا من غير تقدير.

وحكوا عن مالك، والشافعي، ومحمد بن الحسن أنه يجب إخراجُها علي الفور. وعن أبي يوسف: لا يجب ما لم يُطالبه الإمام.

وحكوا في كُتب الخلاف -منهم القاضي وابن عقيل- عن الحنفية أنهم قالوا: تسقط الزكاة بتلف المال قبل إمكانه وبعده. عَلَى أنَّه لا يجب إخراجها عَلَى الفور، وأنَّه لا يجب بدون مطالبة الساعي. وهذا يُشبه المحكي عن أبي يوسف، كما تقدَّم.

آخر ما وجدنا من خط المؤلف -رحمه الله تعالى- والحمد لله وحده وصلى الله عَلَى سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، ورضي الله عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجمعين. هذا آخر القاعدة في إخراج الزكاة عَلَى الفور، للشيخ الإمام العالم العلامة بقية الحفاظ زين الدين ابن رجب البغدادي الدمشقي، رحمه الله وأسكنه فسيح جنته بمنه وكرمه، وغفر لنا ولجميع المسلمين أجمعين. بلغ مقابلة وتصحيحًا عَلَى حسب الطاقة.


(١) في الأصل: "السنجوق"، وما أثبته هو الصواب.