للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الغاية ولا ارتقى إِلَى هذه النهاية، ولا فهم من هذا إلا النزر اليسير، كما هو حال أهل هذا الزمان.

بل هو حالُ أكثر الناس منذ أزمان، مع دعوى كثير منهم الوصول إِلَى الغايات، والانتهاء إِلَى النهايات، وأكثرهم لم يرتقوا عن درجة البدايات.

وإذا أردت معرفة ذلك وتحقيقه، فانظر إِلَى علم الإمام أحمد -رضي الله عنه- بالكتاب والسنة.

أمَّا علمه بالكتاب: فإنه -رضي الله عنه- كان شديد العناية بالقرآن وفهمه وعلومه، وكان يقول لأصحابه: قد ترك الناسُ فهم القرآن، عَلَى وجه الذم لهم.

وقد جمع في القرْآن كثيرًا من الكتب، من ذلك: كتاب "الناسخ والمنسوخ"، و"المقدم والمؤخر" (٣/ أ) وجمع "التفسير الكبير"، وهو محتوٍ عَلَى كلام الصحابة والتابعين في التفسير.

وتفسيرهُ من جنس التفاسير المنقولة عن السَّلف: من تفاسير شيوخه كعبد الرزاق، ووكيع، وآدم بن أبي إياس وغيرهم. ومن تفاسير أقرانه كإسحاق وغيره، وممن بعده ممن هو عَلَى منواله كالنسائى، وابن ماجه، وعبد ابن حُميد، وابن أبي حاتم، وغيرهم من أهل الحديث. وكلُّ هؤلاء جمعوا الآثار المروية عن السَّلف في التفسير من غير زيادة كلام من عندهم.

وأمَّا علمُه رضي الله عنه بالسنة: فهذا أمرٌ اشتهر وذاع، ووقع عليه الوفاق والإجماع، وأنَّه حامل لواء السنة والحديث، وأعلم الناس في زمانه بكلام النبي صلى الله عليه وسلم علبم وأصحابه. والتابعين.

واختص عن أقرانه من ذلك بأمور متعددة، منها: سعةُ الحفظ وكثرته، وقد قيل: إنه كان يحفظ ثلاثمائة ألف حديث.