للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خواتيمكم عربيًا".

وقد فسر الحسن البصري فيما رواه أبو يعلى الموصلي هذا الحديث والنسائي أيضاً مما أظن، فَقَالَ: أما قوله "لا تنقشوا في خواتيمكم عربيًا "محمد - صلى الله عليه وسلم -". وأما قوله "لا تستضيئوا بنار أهل الشرك" يقول لا تستشيروا المشركين في أموركم.

قال الحسن: تصديق ذلك في كتاب الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} (١) انتهي.

وقد قيل في قوله: لا تنقشوا عربيًا -أي بخط عربي- لئلا يشابه نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي الاستضاءة بنار المشركين أن المراد التباعد من مجاورتهم ووجوب الهجرة عنهم كما في الحديث الآخر "لا تراءي ناراهما".

ونقل ثعلب عن ابن الأعرابي موافقة الحسن في التفسير الاستضائة بالنار.

وعلي هذا نقش النبي صلى الله عليه وسلم عَلَى خاتمه لحاجته إِلَى (ختم الكتب إِلَى الملوك) (*) به ونهى غيره عن النقش لعدم حاجته إِلَى ذلك.

وعلى هذا فقد يقال: يباح النقش عَلَى الخواتيم للملوك وذوي السلطان لحاجتهم إِلَى ختم كتبهم وإنفاذها إِلَى البلدان دون غيرهم، ولربما كان نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لبوس الخاتم إلا لذي سلطان محمولاً عَلَى هذا النوع من الخواتيم إِن ثبت النهي، ويدل عَلَى هذا أن الخلفاء ما زالوا ينقشون عَلَى خواتمهم لهذه المصلحة.

وقد روى ابن عدي (٢) من حديث أبي عوانة، حدثني بشر بن حرب أبو عمرو الندبي قال: قلت لابن عمر: "أنقش عَلَى خاتمي آية من كتاب الله؟


(١) آل عمران: ١١٨.
(*) ختم كتب الملوك: "نسخة".
(٢) في الكامل (٢/ ٩).