للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الترمذي: حديث حسن واللفظ له.

ولفظ ابن ماجه: "أغبط الناس عندي" والباقي بمعناه ولم يذكر "نقر بيده".

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أغبط أوليائي عندي" الاغتباط هو: الفرح والسرور والابتهاج بالنعمة سواء كانت عَلَى الإنسان أو عَلَى غيره، محبة لذلك الغير وتهنئة له بما وصل إِلَيْهِ، وسواء كان المغبِط له أعلى منزلة من المغبوط أو مساويًا أو دونه.

فأما مع علو المنزلة فكما في هذا الحديث، وفي حديث: «إن لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (١). وفسرهم بالمتحابين في الله عز وجل، وليس المراد أن الأنبياء يتمنون أن يكونوا بمنزلتهم لقصورهم عن درجاتهم، وإنَّما المراد أنهم يبتهجون ويسرون بهم بمكانهم من الله عز وجل.

ومن هنا يعلم أن من فسر الغبطة بتمني مثل نعمة المغبوط، من غير زوالها عنه -بخلاف الحسد، فإنَّه تمني زوال نعمة المحسود- ليس ذلك


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٢٧)، والبيهقي في "الشعب" (٨٩٩٨) من حديث عمر بن الخطاب، وأخرجه الترمذي (٢٣٩٠) وأحمد (٥/ ٢٢٩، ٢٣٩، ٣٢٨) وغيرهم من حديث معاذ. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد (٥/ ٣٤١، ٣٤٢، ٣٤٣)، ومعمر بن راشد في جامعه كما في المصنف لعبد الرزاق (١١/ ٢٠٢) برقم (٢٠٣٢٤)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (٣/ ٣٤٣٣) وغيرهم من حديث أبي مالك الأشعرى، وفي الإسناد شهر بن حوشب وهو ضعيف، ولكنه يصلح في المتابعات والشواهد فيعتبر به. وأخرجه النسائي في الكبرى (٦/ ٣٦٢) برقم (١١٢٣٦)، وأبو يعلى في مسنده (٦١١٠)، وابن حبان (٢٥٠٨ - موارد)، والبيهقي في الشعب (٨٩٩٧) من حديث أبي هريرة. وقال البيهقي: وهو وهم -أي حديث أبي هريرة- والمحفوظ عن أبى زرعة عن عمر بن الخطاب، وأبو زرعة عن عمر مرسل، ثم ساق الحديث من طريق أبى زرعة بن عمرو بن جرير عن عمر. ووقع خطأ في المطبوع، فَقَالَ: عن عمرو بن جرير، والصواب: من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير {راجع تخريج الزيلعي للكشاف}.
وأخرجه البيهقي في الشعب (٤٠٩) من حديث أنس بن مالك وفي إسناده يزيد الرقاشي وهو ضعيف، ولكنه يعتضد بما قبله، فيصح الحديث ولله الحمد. ولمزيد من التخريج لهذا الحديث راجع تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف بتخريج الإمام الزيلعي برقم (٥٩٩).