للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى إطلاقه وإنَّما هي في غبطة الأدنى للأعلى خاصة.

وقوله: "أغبط أوليائي عندي" يشير صلى الله عليه وسلم إِلَى أن من كان كذلك فهو من خاصة أوليائه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يُسَرُّ بمن كان من أمته عَلَى هذه الصفة، ويفرح به ويهنئه بما حصل له من السعادة، وكذلك جعله النبي صلى الله عليه وسلم من أوليائه.

وأولياء رسول الله صلى الله عليه وسلم أولياء الله؛ كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (١) وصحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "إن وليي الله وصالح المؤمنين". وفي حديث آخر "إن أوليائي، من كانوا وحيث كانوا".

وكذلك هم أولياء الله عز وجل؛ كما قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (٢) فمن كان أعظم إيمانًا وتقوى فهو أعظم ولاية لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلهذا قال في هذا الحديث: "إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن" والمؤمن إذا أُطلق، لا سيما في مقام المدح، فإنما يراد به: من كمل إيمانه بفعل الواجبات وترك المحرمات، وربما أريد به: من قام بعد ذلك بالنوافل؛ لأنّ ذلك كله داخل في اسم الإيمان.

وقوله: "خفيف الحاذ" فسره الأصمعي بقلة المال. {قال} (*): ابن قتيبة: ويفسر أيضاً بقلة العيال، ويشهد لهذا قول أبي ذر: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُغْبَطُ الرَّجُلِ فِيهِ بِخِفَّةِ الْحَاذِ، كَمَا يُغْبَطُ الْيَوْمَ فِيكُمْ أَبُو عَشْرَةَ» خرجه أبو نعيم وغيره.

وخرَّج ابن عدي (٣) وغيره (٤) من حديث حذيفة مرفوعًا: "خيركم في


(١) المائدة: ٥٦.
(٢) يونس: ٦٢ - ٦٣.
(*) تكررت بالأصل.
(٣) في "الكامل" (٣/ ١٧٧).
(٤) وأخرجه أيضاً أبو يعلى فى "مسنده" كما في "المطالب العالية" (٥/ ١٥) برقم (٤٣٦٥)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٠٣٥٠)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٦/ ١٩٧=