للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المائتين كل خفيف الحاذ. قالوا: وما خفيف الحاذ؟ قال: الَّذِي لا أهل له ولا ولد". وهو من باب الاستعارة والكناية؛ لأنّ أصل الحاذ هو اللحم كما يقال: خفيف الظهر.

فأما قلة المال: فهو ما يغبط به صاحبه في الدُّنْيَا إذا صبر عَلَى ذلك أو رضي به، وسنذكر ذلك في تفسير قوله: "وكان رزقه كفافًا فصبر عليه" إن شاء الله تعالى.

وأما قلة العيال فهو مما يغبط به المؤمن أحيانًا لاسيما مع فقره وحاجته، ولهذا يقال: "قلة العيال أحد اليسارين". فإن كثرة العيال قد يحمل المؤمن عَلَى طلب الرزق لهم من الوجوه المكروهة، ولهذا وقع في كلام كثير من السَّلف ذم العيال، فكان سفيان الثوري يقول: لا يُعبأ بصاحب عيالٍ، فقلما رأيت صاحب عيال إلا خلط.

وكان يقول: لا أعتد بعبادة رجل له عيال.


=، ١١/ ٢٢٥)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (٣/ ١٩٥).
وسئل أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (١٨٩٠) عن هذا حديث فَقَالَ: هذا حديث باطل.
وسئل أيضاً كما في العلل (٢٧٦٩) عن هذا الحديث فَقَالَ: هذا حديث منكر.
وقال البيهقي: تفرد به رواد بن الجراح العسقلاني عن سفيان الثوري. وقال البخاري: رواد عن سفيان كان قد اختلط، لا يكاد يقوم، ليس له كبير حديث قائم "الميزان" (٣/ ٨٤). وقال الدوري عن ابن معين: لا بأس به -أي: رواد- إِنَّمَا غلط في حديث سفيان. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: صاحب سنة لا بأس به، إلا أنَّه حدَّث عن سفيان أحاديث مناكير. وقال الحفاظ: كثيرًا ما يخطئ ويتفرد بحديث ضعّفه الحفاظ فيه وخطّئوه، وهو خيركم بعد المائتين كل خفيف الحاذ. (التهذيب ٣/ ٢٤٩ - دار الفكر).
قال الدارقطني: تفرد به رواد وهو ضعيف، وقد أدخله البخاري في الضعفاء (نقل ذلك ابن الجوزي في الضعفاء).
وقال الخليلي في "الإرشاد" (٢/ ٤٧١) عن رواد "يتفرد بحديث ضعفه الحفاظ في ذلك، ثم ذكر حديث حذيفة بإسناده، وقال: وهذا لا يعرف من حديث سفيان إلا من هذا الوجه وقد خطّئوه فيه.