للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: "أحسن عبادة ربه" إحسان العبادة إتقانها وإكمالها والإتيان بها عَلَى أكمل الوجوه. والحاصل عَلَى ذلك أن يعبد العبد ربه كأنه يراه كما فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإحسان بذلك، وكان يقول في دعائه: "أسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك" وعلَّم معاذ بن جبل أن يقول: "اللهم أعني عَلَى ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" (١).

قوله: "وإطاعته في السر" طاعة العبد لربه في السر دليل عَلَى قوة إيمانه وإخلاصه لربه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه خشيته في السر والعلانية (٢) وأفضل النوافل إسرارها، ولذلك فضلت صلاة الليل عَلَى نوافل الصلاة وفضلت صدقة السر عَلَى صدقة العلانية.

وفي الحديث "الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة (٣).


(١) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٦٩٠)، وأبو داود (١٥٢٢)، والنسائي في "الكبرى" (٩٩٣٧)، والبزار (٢٦٦١ - البحر الزخار) وابن خزيمة (٧٥١) وابن حبان (٢٠٢٠، ٢٠٢١ - إحسان)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ١١٠، ٢٥٠)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٤٠٧)، (٣/ ٣٠٧) كلهم من حديث معاذ بن جبل. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح عَلَى شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وذكره الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ١٧٢) من حديث ابن مسعود وقال: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح غير عمرو بن عبد الله الأودي، وهو ثقة.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢٦٤)، وابن حبان (١٩٧١ - إحسان) من حديث عمار بن ياسر مرفوعًا، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٤٥١٦)، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (٤٦٨) عن عمار بن ياسر موقوفًا، ولفظ الحديث: اللهم إِلَيّ أسألك خشيتك في الغيب والشهادة.
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ١٥١، ١٥٨)، والترمذى (٢٩١٩)، والنسائي في "الكبرى" (٢٣٤٢) وابن حبان (٧٣٤ - إحسان) والبيهقي في "السنن الكبير" (٣/ ١٣) من حديث عقبة بن عامر. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ومعنى هذا الحديث أن الَّذِي يسر بقراءة القرآن أفضل من الَّذِي يجهر بقراءة القرآن، لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية، وإنَّما معنى هذا عند أهل العِلْم لكي يأمن الرجل من العُجب؛ لأنّ الَّذِي يسر العمل لا يُخافُ عليه العجب ما يُخافُ عليه من علانيته.