للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يقول: طوبى لمن أخمل الله ذكره. وكان يقول: لو قدرت عَلَى الخروج من هذه المدينة -يعني بغداد- لفعلت حتي لا أذكر عند هؤلاء -يعني الملوك. فكان إذا مشي معه أحد من أقاربه يعرفه الناس، أبعده عنه لئلا يعرف به، وكان لا يدع أحدًا يمشي معه في الطريق ولا يتبعه، فإن تبعه أحد وقف حتى ينصرف الَّذِي معه.

وكان ابن مسعود يقول لمن تبعه: لو تعلمون ما أغلق عليه بابي لم يتَّبعني منكم أحد (١).

ورأى عمر قومًا يتبعون رجلاً فعلاهم بالدَّرة وقال: إن خفق النعال خلف الأحمق، قل ما يُبقي من دينه (٢).

مشى قومٌ مع معروف إِلَى بيته، فلما دخل قال لهم: مشيُنا هذا كان ينبغي لنا أن نتقيه، أليس جاء في الخبر: "أنَّه فتنة للمتبوع مذلة للتابع".

وكان بعض العُلَمَاء في مجلسه فقام، فاتبعه جماعة فأعجبه ذلك، فرأى تلك الليلة في منامه قائلا يقول: سيعلمُ من يُحبُّ أن يُمشى خلفه غدًا.

ورئي سفيان في النوم بعد موته فقِيلَ لَهُ: ما فعل الله بك؟

قال: غفر لي. قِيلَ لَهُ: هل رأيت شيئًا تكرهه؟ قال: نعم، الإشارة بالأصابع -يعني قول الناس هذا سفيان.

الإشارة إِلَى الرجل بالأصابع فتنة، وإن كان في الخير.

وفي الحديث "كَفَى بِالْمَرْءِ شَرًّا أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ فِي دِينهِ أَوْ دُنْيَاهُ، إِلَّا مَن عَصَمَهُ اللَّهُ" (٣).


(١) أخرجه الدارمي في "سننه" (٥٣٢).
(٢) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٩/ ١٢) بلفظ: أن خفق النعال، دون ذكر "فعلاهم بالدرة".
(٣) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٢٣٢) من قول إبراهيم والحسن.