رائحة الإخلاص كرائحة البخور الخالص، كلما قوي ستره بالثياب، فاح وعبق بها، ورائحة الرياء كدخان الحطب، يعلو إِلَى الجو ثم يضمحل وتبقى رائحته الكريهة. كلما بليت أجسام الصادقين في التراب فاحت رائحة صدقهم فاستنشقها الخلق.
كما اجتهد المخلصون في إخفاء أحوالهم عن الخلق، وريح الصدد تنم عليهم. كم يقول لسان الصادق: لا لا، وحاله ينادي: نعم نعم، ولسان الكاذب يقول: نعم نعم، وحاله ينادي عليه: لا لا.
كما اجتهد الإمام أحمد عَلَى أن لا يذكر، وأبى الله إلا أن يُشهرهُ ويقرن الإمامة باسمه عَلَى ألسنة الخلق شاءوا أو أبوا، وكان في زمانه من يعطي الأموال لمن ينادي باسمه في الأسواق ليشتهر، فما ذكر بعد ذلك ولا عرف.