للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلهذا قيل: "إِنَّمَا الربا في النسيئة" و"لا ربا إلا في النسيئة"، فإن المستحق لاسم الربا في الحقيقة هو ربا النسيئة، وكذلك نفي الأسماء الشرعية لانتفاء بعض واجباتها، كقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} إِلَى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} (١).

فهؤلاء هم المستحقون لهذا الاسم عَلَى الحقيقة الواجبة، دون من أخلَّ بشيء من واجبات الإيمان، ولهذا ينفي الإيمان والإسلام عمن انتفى عنه بعض واجباتهما كقوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" (٢) الحديث.

وقوله: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" (٣).

وقوله: "المؤمن من أمِنَهُ الناس عَلَى دمائهم وأموالهم" (٤) و"المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله" (٥) ومثل هذا كثير.

وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الشهر تسع وعشرون" وقوله: "الشهر تسع وعشرون" فإن هذا هو عدد الشهر اللازم الدائم، واليوم الزائد عَلَى ذلك جائز يكون في بعض المشهور، ولا يكون في بعضها بخلاف التسعة والعشرين، فإنَّه يجب عددها واعتبارها بكل حال.

وهذا كما يقال: "الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله" فهذا هو الَّذِي لابد منه، وما زاد عَلَى ذلك. فقد يجب عَلَى


(١) الأنفال: ٢.
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٧٥، ٥٥٧٨، ٦٧٧٢، ٦٨١٠)، ومسلم (٥٧) من حديث أبي هريرة، وأخرجه البخاري (٦٧٨٢، ٦٨٠٩) من حديث ابن عباس.
(٣) أخرجه البخاري (٦٤٨٤)، ومسلم (٤٠) مختصراً من حديث عبد الله بن عمرو.
(٤) أخرجه الترمذي (٢٦٢٧) مختصرًا، والنسائي (٥٠١٠) مختصرًا، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٥) أخرجه الترمذى (١٦٢١)، وأحمد (٦/ ٢١) من حديث فضالة بن عبيد، وقال الترمذي: حسن صحيح.