للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي " صحيح مسلم " (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنّه كان يقول: "إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ".

وهذا يدل على أن العلم الذي لا يوجب الخشوع للقلب فهو علم غير نافع.

وروي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "أنّهُ كَانَ يَسْأَلُ اللهَ عِلْمًا نَافِعًا" (٢).

وفي حديث آخر قال: «سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» (٣).

وأما العلم الذي على اللسان فهو حجة الله على ابن آدم.

كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيكَ" (٤).

فإذا ذهب من الناس العلم الباطن بقي الظاهر على الألسنة حجة، ثم يذهب هذا العلم الذي هو حجة بذهاب حملته، ولا يبقى من الدين إلا اسمه فيبقى القرآن في المصاحف ثم يسري به في آخر الزمان فلا يبقى منه في المصاحف ولا في القلوب شيء.

ومن هنا قَسَّمَ من قَسَّمَ من العُلَمَاءِ العلم إِلى باطن وظاهر، فالباطن: ما باشر القلوب فأثمر لها الخشية والخشوع، والتعظيم والإجلال، والمحبة والأنس والشوق.

والظاهر: ما كان على اللسان، فبه تقوم حجة الله على عباده.

وكتب وهب بن منبه إلى مكحول: "إِنَّكَ امْرُؤٌ قَدْ أَصَبْتَ بِمَا ظَهَرَ لَكَ مِنْ عِلْمِ الْإِسْلَامِ شَرَفًا فَاطْلُبْ بِمَا بَطَنَ مِنْ عِلْمِ الْإِسْلَامِ مَحَبَّةً وَزُلْفَى".


(١) برقم (٢٧٢٢) من حديث ابن مسعود.
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ٢٩٤، ٣٠٥، ٣١٨، ٣٢٢)، والنسائي في "الكبرى" (٩٩٣٠/ ٢)، وابن ماجه (٩٢٥) من حديث أم سلمة.
(٣) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٧٨٦٧/ ١ - ٢)، وابن ماجه (٣٨٤٣).
(٤) أخرجه مسلم (٢٢٣).