للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل كرامتي، وأهل مصيبتي لا أؤيسهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعائب".

وفي "صحيح مسلم" (١) عن جابر عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "الحمى تذهب الخطايا كما يذهب الكير الخبث".

وفي "المسند" (٢) و"صحيح ابن حبان" (٣) عن عبد الله بن مغفل "أَنَّ رَجُلًا لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَجَعَلَ يُلَاعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتِ: مَهْ (٤) فَإِنَّ اللهَ أَذْهَبَ بِالشِّرْكِ وَجَاءَ بالإِسْلامِ! فَتَرَكَهَا وَوَلَّى، فَجَعَلَ يَلْتَفِتُ خَلْفَهُ وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا حَتَّى أَصَابَ وَجْهُهُ حَائِطًا، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ، فَأَخْبَرَهُ بِالْأَمْرِ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا». ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا أَمْسَكَ ذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

يا قوم، قلوبكم عَلَى أصل الطهارة، وإنَّما أصابها رشاش من نجاسة الذنوب، فرشوا عليها قليلاً من (ماء) (*) العيون، وقد طهرت.

اعزموا عَلَى فطام النفوس عن رضاع الهوى، فالحِمية رأس الدواء.

متى طالبتكم بمألوفاتها، فقولوا لها كما قالت تلك المرأة لذلك الرجل، الَّذِي دمي وجهه: قد أذهب الله الشرك وجاء بالإسلام، والإسلام يقتضي الاستسلام والانقياد للطاعة.

ذكِّروها مدحةَ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: ٣٠] لعلها تَحِنَّ إِلَى الاستقامة.


(١) برقم (٢٥٧٥).
(٢) (٤/ ٨٧).
(٣) برقم (٢٩١١ - إحسان).
وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ١٩١): ورجال أحمد رجال الصحيح.
(٤) اسكت واكفف.
(*) دمع: "نسخة".