للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمره - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس بحفظ الله يدخل فيه هذا كله.

ومن أعظم ما يجب حفظه من المأمورات الصلوات الخمس، قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] وقال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: ٣٤].

وقال النبي صلّى الله عليه وسلم:

"من حافظ عليها كان له عند الله عهدًا أن يدخله الجنة ... " (١) الحديث.

وفي حديث آخر:

" «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٢). الحديث.

وكذلك الطهارة فإنها مفتاح الصلاة، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: "لا يحافظ عَلَى الوضوء إلا مؤمن" (٣).

فإن العبد تنتقض طهارته ولا يعلم بذلك إلا الله، فالمحافظة عَلَى الوضوء للصلاة دليل عَلَى ثبوت الإيمان في القلب.

ومما أمر الله بحفظه الأيمان لمَّا ذكر كفارة اليمين قال: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: ٨٩] فإن الأيمان كثيرًا ما تقع من الناس وموجباتها مختلفة، فتارة يجب بها كفارة يمين وتارة يجب بها كفارة مغلظة، وتارة يلزم بها المحلوف عليه من طلاق ونحوه. فمن حفظ أيمانه دل عَلَى دخول الإيمان في قلبه.

وكان السَّلف كثيرًا يحافظون عَلَى الأيمان، فمنهم من كان لا يحلف بالله ألبتة، ومنهم من كان يتورع حتى يكفر عما شك في الحنث فيه. ووصى الإمام


(١) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٢٣) (١٤)، وأحمد (٥/ ٣١٩).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ١٦٩)، والطبراني في "الأوسط" (١٧٦٧).
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ٢٨٠)، والدارمي (١/ ١٦٨) والطبراني في الكبير (٢/ ١٤٤٤).