للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد -رحمه الله- عند موته أن تخرج عنه كفارة يمين. وقال: أظن أني حنثت في يمين حلفتها.

وقد رُوي عن أيوب -عليه السلام- أنَّه كان إذا مر باثنين يحلفان بالله ذهب فكفر عنهما بيمين، لئلا يأثمان وهما لا يشعران.

ولهذا لما حلف عَلَى ضرب امرأته مائة جلدة، أفتاه الله بالرخصة لحفظه لأيمانه وأيمان غيره.

وقد اختلف العُلَمَاء، هل تتعدى الرخصة لحلفه أم لا؟

وقال يزيد بن أبي حبيب: بلغني أن من حملة العرش من يسيل من عينيه أمثال الأنهار من البكاء، فإذا رفع رأسه قال: سبحانك، ما (تخشى) (*) حق خشيتك؟ فيقول الله تعالى: لكن الذين يحلفون باسمي كاذبين لا يعلمون ذلك.

وقد ورد التشديد العظيم في الحلف الكاذب، ولا يصدر كثرة الحلف بالله والحلف به كاذبًا من الجهل بالله وقلة هيبته في الصدور.

ومما يلزم المؤمن حفظه رأسه وبطنه، كما في حديث ابن مسعود المرفوع: "الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَيَحْفَظِ البَطْنَ وَمَا حَوَى" خرجه الإمام أحمد (١) والترمذي (٢).

وحفظ الرأس وما وعى، يدخل فيه السمع والبصر واللسان من المحرمات.

وحفظ البطن وما حوى: يتضمن حفظ القلب عن الإصرار عَلَى محرم.

وقد جُمع -ذلك كله في قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦].

ويدخل في حفظ البطن وما حوى: حفظه من إدخال الحرام. إِلَيْهِ من


(*) نخشى: "نسخة".
(١) (١/ ٣٨٧).
(٢) برقم (٢٤٥٨) وقال: هذا حديث إِنَّمَا نعرفه من هذا الوجه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد.