للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ تَرَكَ فَفِي أَثْنَائِهِ.

وَغَسْلُ كَفَّيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا كُرِهَ غَمْسُهُمَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا.

ــ

[مغني المحتاج]

وَيُسَمِّي اللَّهَ عِنْدَهُ بِأَنْ يَقْرِنَ النِّيَّةَ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا ثُمَّ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ ثُمَّ يُكْمِلُ غَسْلَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّلَفُّظَ بِالنِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ سُنَّةٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِمَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ (فَإِنْ تَرَكَ) هَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا أَوْ فِي أَوَّلِ طَعَامٍ كَذَلِكَ (فَفِي أَثْنَائِهِ) يَأْتِي بِهَا فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، لِخَبَرِ «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ (١) صَحِيحٌ، وَيُقَاسُ بِالْأَكْلِ الْوُضُوءُ، وَبِالنِّسْيَانِ الْعَمْدُ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ لِانْقِضَائِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ لِيَتَقَايَأَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشُّرْبُ كَالْأَكْلِ.

(وَ) مِنْ سُنَنِهِ (غَسْلُ كَفَّيْهِ) إلَى كُوعَيْهِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ وَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا أَوْ تَوَضَّأَ مِنْ نَحْوِ إبْرِيقٍ لِلِاتِّبَاعِ.

رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ (كُرِهَ غَمْسُهُمَا فِي الْإِنَاءِ) الَّذِي فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ وَلَوْ كَثُرَ (قَبْلَ غَسْلِهِمَا) ثَلَاثًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» (٢) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إلَّا لَفْظَ ثَلَاثًا فَلِمُسْلِمٍ فَقَطْ.

أَشَارَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ فِيهِ إلَى احْتِمَالِ نَجَاسَةِ الْيَدِ فِي النَّوْمِ كَأَنْ تَقَعَ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ التَّرَدُّدُ، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ الْحَدِيثُ، لَا عَلَى مُطْلَقِ النَّوْمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمُرَادَ فَمَنْ لَمْ يَنَمْ وَاحْتَمَلَ نَجَاسَةَ يَدِهِ كَانَ فِي مَعْنَى النَّائِمِ؛ وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ لِيَشْمَلَ الْقَائِمَ مِنْ النَّوْمِ وَغَيْرَهُ، لَكِنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا تَيَقَّنَ نَجَاسَةَ يَدِهِ، وَيَنْدَفِعُ ذَلِكَ بِمَا قَدَّرْتُهُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ، وَهَذِهِ الْغَسْلَاتُ الثَّلَاثُ هِيَ الْمَنْدُوبَةُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ، لَكِنْ نُدِبَ تَقْدِيمُهَا عِنْدَ الشَّكِّ عَلَى غَمْسِ يَدِهِ، وَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِغَسْلِهِمَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ إنَّمَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيعَابِهَا، فَسَقَطَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِوَاحِدَةٍ لِتَيَقُّنِ الطُّهْرِ بِهَا، كَمَا لَا كَرَاهَةَ إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا ابْتِدَاءً. وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ طُهْرِهِمَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِيَقِينِ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا، فَلَوْ غَسَلَهُمَا فِيمَا مَضَى عَنْ نَجَاسَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ أَوْ مَشْكُوكَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهُمَا قَبْلَ غَسْلِهِمَا إكْمَالِ الثَّلَاثِ، وَمِثْلُ الْمَائِعِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَأْكُولٍ رَطْبٍ كَمَا فِي الْعُبَابِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ غَسْلُهُمَا بِالصَّبِّ لِكِبَرِ الْإِنَاءِ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يَغْرِفُ بِهِ مِنْهُ اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ أَخَذَهُ بِطَرَفِ ثَوْبٍ نَظِيفٍ أَوْ بِفِيهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. أَمَّا الْمَاءُ الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: اُحْتُرِزَ أَيْ الْمِنْهَاجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>