للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ، لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى فِي الْأَظْهَرِ.

وَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ، فِي الْقَتْلِ بِمَحَلِّ لَوْثٍ، وَهُوَ قَرِينَةٌ لِصِدْقِ الْمُدَّعِي بِأَنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَمُنَاقَضَتِهَا، وَسَوَاءٌ أَقْسَمَ عَلَى الْأُولَى وَمَضَى الْحُكْمُ فِيهِ أَمْ لَا.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ بَقَاءَ الدَّعْوَى الْأُولَى بِحَالِهَا وَفِيهَا تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لِأَنَّ الثَّانِيَة تُكَذِّبُهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ مُكِّنَ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ، وَمَحَلُّ عَدَمِ سَمَاعِ الثَّانِيَة مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الثَّانِي، فَإِنْ صَدَّقَهُ فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (أَوْ) ادَّعَى (عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ) مِنْ خَطَإٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ وَعَكْسُهُ بَطَلَ الْوَصْفُ فَقَطْ، وَ (لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى) وَهُوَ دَعْوَى الْقَتْلِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا وَعَكْسَهُ وَحِينَئِذٍ يُعْتَمَدُ تَفْسِيرُهُ وَيَمْضِي حُكْمُهُ. وَالثَّانِي يَبْطُلُ لِأَنَّ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ اعْتِرَافًا بِبَرَاءَةِ الْعَاقِلَةِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ عَلَى الْأَوَّلِ عَدَمُ احْتِيَاجِهِ إلَى تَجْدِيدِ دَعْوَى، لَكِنْ جَزَمَ بِتَجْدِيدِهَا ابْنُ دَاوُد فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ.

[الْقَسَامَةِ]

وَلَمَّا فَرَغَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ شُرُوطِ دَعْوَى الدَّمِ شَرَعَ فِي الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا، وَهِيَ الْقَسَامَةُ مُعَرِّضًا لِمَحَلِّهَا فَقَالَ (وَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ) وَسَبَقَ تَفْسِيرُهَا (فِي الْقَتْلِ) لِلنَّفْسِ لَا فِي غَيْرِهِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْقَتْلِ (بِمَحَلِّ) أَيْ مَكَانِ (لَوْثٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَهُوَ) أَيْ اللَّوْثُ لُغَةً الْقُوَّةُ، وَيُقَالُ الضَّعْفُ، يُقَالُ لَاثَ فِي كَلَامِهِ: أَيْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ ضَعِيفٍ، وَاصْطِلَاحًا (قَرِينَةٌ) حَالِيَّةٌ أَوْ مَقَالِيَّةٌ (لِصِدْقِ) أَيْ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ (الْمُدَّعِي) بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ، وَفَسَّرَ الْقَرِينَةَ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (وُجِدَ قَتِيلٌ) أَوْ بَعْضُهُ كَرَأْسِهِ إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهُ (فِي مَحَلَّةٍ) مُنْفَصِلَةٍ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ عَنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَلَا يُعْرَفُ قَاتِلُهُ، وَلَا بَيِّنَةَ بِقَتْلِهِ (أَوْ) فِي (قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ إذَا كَانَتْ تَبْعَثُ عَلَى الِانْتِقَامِ بِالْقَتْلِ وَلَمْ يُسَاكِنْهُمْ فِي الْقَرْيَةِ غَيْرُهُمْ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْغَيْرَ قَتَلَهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ حَتَّى لَوْ وَكَانَتْ الْقَرْيَةُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَكَانَ يَطْرُقُهَا الْمُسَافِرُونَ وَالْمُجْتَازُونَ فَلَا لَوْثَ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ . وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ الثَّانِي، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَكَى الْأَوَّلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ، وَالْمُرَادُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ بِغَيْرِهِمْ مَنْ لَمْ تُعْلَمْ صَدَاقَتُهُ لِلْقَتِيلِ، وَلَا كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِأَعْدَائِهِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ عَدَاوَتِهِمْ لِلْقَتِيلِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَكُونُوا أَعْدَاءً لِقَبِيلَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>