[فَصْلٌ] لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ فِي الْأَظْهَرِ.
وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ
ــ
[مغني المحتاج]
وَلَا تَبْطُلُ بِهِ، بَلْ هُوَ مُطَالَبٌ بِالذَّنْبِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ كُلَّمَا ذَكَرَ الذَّنْبَ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي التَّنْبِيهُ الثَّامِنُ: إنَّ مِنْ شُرُوطِ التَّوْبَةِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ كَوْنَهَا لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَوْ تَابَ عَنْ مَعْصِيَةٍ مَالِيَّةٍ لِفَقْرِهِ أَوْ شُحِّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ، وَكَوْنَهَا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْغَرْغَرَةِ أَوْ الِاضْطِرَارِ بِظُهُورِ الْآيَاتِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ: التَّنْبِيهُ التَّاسِعُ: إنَّ سُقُوطَ الذَّنْبِ بِالتَّوْبَةِ مَظْنُونٌ لَا مَقْطُوعٌ بِهِ، وَسُقُوطُ الْكُفْرِ بِالْإِسْلَامِ مَعَ النَّدَمِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَتَائِبٌ بِالْإِجْمَاعِ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ إسْلَامُ الْكَافِرِ تَوْبَةً مِنْ كُفْرِهِ، وَإِنَّمَا تَوْبَتُهُ نَدَمُهُ عَلَى كُفْرِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إيمَانُهُ بِلَا نَدَمٍ فَيَجِبُ مُقَارَنَةُ الْإِيمَانِ لِلنَّدَمِ عَلَى الْكُفْرِ اهـ.
وَإِنَّمَا كَانَ تَوْبَةُ الْكَافِرِ مَقْطُوعًا بِهَا؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُجَامِعُ الْكُفْرَ وَالْمَعْصِيَةُ قَدْ تُجَامِعُ التَّوْبَةَ.
[فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ]
[فَصْلٌ] فِي بَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ وَتَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا (لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (إلَّا فِي هِلَالِ) شَهْرِ (رَمَضَانَ) فَيُحْكَمُ بِهِ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ ذَكَرَهَا هُنَا مَعَ تَقَدُّمِهِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِبَيَانِ الْحَصْرِ. وَأَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ مَسَائِلَ: مِنْهَا مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ رَجَبٍ مَثَلًا فَشَهِدَ وَاحِدٌ بِرُؤْيَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ الصَّوْمُ إذَا قُلْنَا: يَثْبُتُ بِهِ رَمَضَانُ؟ حَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ عَنْ الْبَحْرِ، وَرَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي كِتَابِ الصِّيَامِ الْوُجُوبَ. وَمِنْهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ آخِرَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ لَمْ يَكْفِ فِي الْإِرْثِ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانِ، وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الْقَبُولِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِالْمَنْعِ. وَمِنْهَا مَا سَبَقَ فِي الْمَتْنِ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ لَوْثٌ، وَمِنْهَا مَا سَبَقَ فِيهِ أَيْضًا فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ الِاكْتِفَاءُ بِخَارِصٍ وَاحِدٍ: أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخَرْصَ شَهَادَةٌ، وَمِنْهَا ثُبُوتُ هِلَالِ ذِي الْحَجَّةِ بِالْعَدْلِ الْوَاحِدِ، فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ الْقَبُولُ، وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ خِلَافَهُ، وَمِنْهَا ثُبُوتُ شَوَّالٍ بِشَهَادَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فِيمَا إذَا ثَبَتَ رَمَضَانُ بِشَهَادَتِهِ وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ فَإِنَّا نُفْطِرُ فِي الْأَصَحِّ، وَمِنْهَا مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ يَكْفِي قَوْلُ الْعَوْنِ بِامْتِنَاعِ الْغَرِيمِ مِنْ الْحُضُورِ فِي التَّعْزِيرِ، وَمِنْهَا الْمُسْمِعُ لِلْخَصْمِ كَلَامَ الْقَاضِي أَوْ الْخَصْمِ يُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.
(وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] وَلِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute