للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ إنَّمَا تَجِبُ مِنْهُ فِي النَّعَمِ: وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ لَا الْخَيْلُ وَالرَّقِيقُ، وَالْمُتَوَلَّدُ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ.

وَلَا شَيْءَ فِي الْإِبِلِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

ثَمَانِيَةُ أَصْنَافٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْمَالِ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ، وَالْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ الْإِنْسِيَّةُ، وَالزَّرْعُ، وَالنَّخْلُ، وَالْكَرْمُ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ مِنْ طَبَقَاتِ النَّاسِ. .

[بَاب زَكَاةِ الْحَيَوَانِ]

وَلَمَّا كَانَتْ الْأَنْعَامُ أَكْثَرَ أَمْوَالِ الْعَرَبِ بَدَأَ بِهَا اقْتِدَاءً بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْآتِي: فَقَالَ: (بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) وَبَدَأَ مِنْهَا بِالْإِبِلِ لِلْبَدَاءَةِ بِهَا فِي خَبَرِ أَنَسٍ الْآتِي، وَلِزَكَاةِ الْحَيَوَانِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: كَمَا قَالَ (إنَّمَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَيَوَانِ (فِي النَّعَمِ) بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ) الْإِنْسِيَّةُ، سُمِّيَتْ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلنَّمَاءِ غَالِبًا لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا، وَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَالَ تَعَالَى: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: ٢١] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ {مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [النحل: ٦٦] وَجَمْعُهُ أَنْعَامٌ، وَأَنْعَامٌ أَنَاعِمُ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ النَّعَمِ كَانَ أَخَصْرَ وَأَسْلَمَ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ أَفَادَ بِذِكْرِهَا تَسْمِيَةَ الثَّلَاثِ نَعَمًا (لَا الْخَيْلُ) وَهُوَ مُؤَنَّثٌ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَفِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ مِنْ التَّحْرِيرِ أَنَّ وَاحِدَهُ خَائِلٌ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: سُمِّيَتْ خَيْلًا لِاخْتِيَالِهَا فِي مَشْيِهَا (وَلَا الرَّقِيقُ) يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى الْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» أَيْ إذَا لَمْ يَكُونَا لِلتِّجَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي إنَاثِ الْخَيْلِ (وَ) لَا (الْمُتَوَلَّدُ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ) بِالْمَدِّ جَمْعُ ظَبْيٍ وَهُوَ الْغَزَالُ، وَكَذَا كُلُّ مُتَوَلَّدٍ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمُتَوَلَّدِ مُطْلَقًا، وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنْ الْإِنَاثُ غَنَمًا، أَمَّا الْمُتَوَلَّدُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ النَّعَمِ وَمِنْ آخَرَ مِنْهَا كَالْمُتَوَلَّدِ بَيْنَ إبِلٍ وَبَقَرٍ، فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا تَجِبُ فِيهِ، وَقَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ: يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُزَكِّي زَكَاةَ أَخَفِّهِمَا، فَالْمُتَوَلَّدُ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ يُزَكِّي زَكَاةَ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. .

الشَّرْطُ الثَّانِي؛ النِّصَابُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا شَيْءَ فِي الْإِبِلِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا) وَالْإِبِلُ بِكَسْرِ الْبَاءِ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَتُسَكَّنُ بَاؤُهُ لِلتَّخْفِيفِ، وَيُجْمَعُ عَلَى آبَالٍ كَجَمَلٍ وَأَجْمَالٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا (فَفِيهَا شَاةٌ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ» وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الشَّاةُ وَإِنْ كَانَ وُجُوبُهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِلرِّفْقِ بِالْفَرِيقَيْنِ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْبَعِيرِ يَضُرُّ بِالْمَالِكِ، وَإِيجَابُ جُزْءٍ مِنْ بَعِيرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>