للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا، وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثِينَ

ــ

[مغني المحتاج]

هُوَ فِيهِ، وَإِلَّا أُبْدِلَ قَطْعًا، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إذَا أُكِلَ عَمَّا إذَا تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُبَدَّلُ جَزْمًا. وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ شُرِطَ شَيْءٌ اُتُّبِعَ. وَأَمَّا الْمَاءُ الْمَحْمُولُ إذَا شُرِبَ فَإِنَّهُ يُبَدَّلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ التَّنْبِيهِ لِتَطَابُقِ اللَّفْظِ وَالْعُرْفِ عَلَى الْإِبْدَالِ، وَلَوْ حَمَلَ التَّاجِرُ مَتَاعًا يَبِيعُهُ فِي طَرِيقِهِ فَبَاعَ بَعْضَهُ، فَفِي فُرُوعِ ابْنِ الْقَطَّانِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مِثْلُ الزَّادِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي تُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِهِ]

فَصْلٌ فِي بَابِ الزَّمَنِ الَّذِي تُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِهِ، وَبَيَانُ مَنْ يَسْتَوْفِيهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ. (يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً) مَعْلُومَةً (تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ) الْمُؤَجَّرَةُ (غَالِبًا) لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ إذْ لَا تَوْقِيفَ فِيهِ، وَالْمَرْجِعُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَيُؤَجِّرُ الدَّارَ وَالرَّقِيقَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَالدَّابَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَالثَّوْبَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَرْضَ مِائَةَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، (وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا، (وَفِي قَوْلٍ) عَلَى (ثَلَاثِينَ) سَنَةً؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ.

تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمُطْلَقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ صُوَرٌ: إحْدَاهَا مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ وَقْفُهُ إلَّا سَنَةً وَنَحْوَهَا فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُهُ عَلَى الْأَصَحِّ.

ثَانِيهَا إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَمَا نَقَلَهُ الْغَزِّيُّ عَنْ ابْنِ جَمَاعَةَ وَأَقَرَّهُ.

ثَالِثُهَا الْمَنْذُورُ إعْتَاقُهُ كَقَوْلِهِ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ بَعْدَ سَنَةٍ، لَمْ تَجُزْ إجَارَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِمْرَارِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ مَنْ آجَرَ عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ.

رَابِعُهَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. قَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُجُودِ الصِّفَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ لَا تَجُوزَ كَالصَّبِيِّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ وَإِنْ تَحَقَّقَ وُجُودُ الصِّفَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ لِجَوَازِ أَنْ يَبِيعَهُ فَيَرْتَفِعُ التَّعْلِيقُ، وَبَيْعُ الْمُسْتَأْجَرِ صَحِيحٌ عَلَى الْأَصَحِّ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيِّ.

خَامِسُهَا إجَارَةُ الْمَرْهُونِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الصِّحَّةِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>