للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ هِيَ أَنْوَاعٌ: الْأَوَّلُ يَكُونُ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ فَيُرَتِّبُ الْإِمَامُ الْقَوْمَ صَفَّيْنِ وَيُصَلِّي بِهِمْ فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ صَفٌّ سَجْدَتَيْهِ وَحَرَسَ صَفٌّ فَإِذَا قَامُوا سَجَدَ مَنْ حَرَسَ وَلَحِقُوهُ وَسَجَدَ مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ حَرَسَ أَوَّلًا وَحَرَسَ الْآخَرُونَ، فَإِذَا جَلَسَ سَجَدَ مَنْ حَرَسَ وَتَشَهَّدَ بِالصَّفَّيْنِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُسْفَانَ،

ــ

[مغني المحتاج]

[بَابٌ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ) أَيْ كَيْفِيَّتِهَا، وَالْخَوْفُ ضِدُّ الْأَمْنِ، وَحُكْمُ صَلَاتِهِ كَصَلَاةِ الْأَمْنِ، وَإِنَّمَا أُفْرِدَ بِتَرْجَمَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَهُ فِي الْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهَا مَا لَا يَحْتَمِلُ فِيهَا عِنْدَ غَيْرِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: ١٠٢] [النِّسَاءَ] الْآيَةَ، وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَاسْتَمَرَّتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَهُ، وَأَمَّا دَعْوَى الْمُزَنِيِّ نَسَخَهَا لِتَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَأَجَابُوا عَنْهَا بِتَأَخُّرِ نُزُولِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ، وَالْخَنْدَقُ كَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ، وَتَجُوزُ فِي الْحَضَرِ كَالسَّفَرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ (هِيَ أَنْوَاعٌ) جَاءَتْ فِي الْأَخْبَارِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بَعْضُهَا، وَمُعْظَمُهَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَفِي ابْنِ حِبَّانَ مِنْهَا تِسْعَةٌ، فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ مَا هُوَ أَحْوَطُ لِلصَّلَاةِ وَأَبْلَغُ فِي الْحِرَاسَةِ، وَاخْتَارَ مِنْهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ مَعَهَا الرَّابِعَ الْآتِيَ وَجَاءَ بِهِ وَبِالثَّالِثِ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ.

النَّوْعُ (الْأَوَّلُ) مِنْهَا الصَّلَاةُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ (يَكُونُ الْعَدُوُّ فِي) جِهَةِ (الْقِبْلَةِ) وَلَا سَاتِرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَفِينَا كَثْرَةٌ بِحَيْثُ تُقَاوِمُ كُلُّ فِرْقَةٍ الْعَدُوَّ (فَيُرَتِّبُ الْإِمَامُ الْقَوْمَ صَفَّيْنِ) فَأَكْثَرَ (وَيُصَلِّي بِهِمْ) جَمِيعًا إلَى اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، لِأَنَّ الْحِرَاسَةَ الْآتِيَةَ مَحَلُّهَا الِاعْتِدَالُ لَا الرُّكُوعُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِذَا سَجَدَ) الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (سَجَدَ مَعَهُ صَفٌّ سَجْدَتَيْهِ وَحَرَسَ) حِينَئِذٍ (صَفٌّ) آخَرُ فِي الِاعْتِدَالِ الْمَذْكُورِ (فَإِذَا قَامُوا) أَيْ الْإِمَامُ وَالسَّاجِدُونَ مَعَهُ (سَجَدَ مَنْ حَرَسَ) فِيهَا (وَلَحِقُوهُ وَسَجَدَ مَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ مَنْ حَرَسَ أَوَّلًا وَحَرَسَ الْآخَرُونَ) أَيْ الْفِرْقَةُ السَّاجِدَةُ مَعَ الْإِمَامِ (فَإِذَا جَلَسَ) الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ (سَجَدَ مَنْ حَرَسَ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (وَتَشَهَّدَ) الْإِمَامُ (بِالصَّفَّيْنِ وَسَلَّمَ) بِهِمْ (وَهَذِهِ) الْكَيْفِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ (صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ صِفَةُ صَلَاتِهِ (بِعُسْفَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، قَرْيَةٌ بِقُرْبِ خَلِيصَ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ بُرُدٌ، سُمِّيَتْ بِهِ لِعَسْفِ السُّيُولِ فِيهَا، وَعِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ فِي هَذَا صَادِقَةٌ بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا بِمَكَانِهِ أَوْ تَحَوَّلَ بِمَكَانِ الْآخَرِ وَبِعَكْسِ ذَلِكَ فَهِيَ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ إذَا لَمْ تَكْثُرْ أَفْعَالُهُمْ فِي التَّحَوُّلِ، وَاَلَّذِي فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ سُجُودُ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّحَوُّلِ فِيهَا وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ صُفُوفًا كَمَا مَرَّ، ثُمَّ يَحْرُسُ صَفَّانِ فَأَكْثَرُ، وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>