فَصْلٌ إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ
ــ
[مغني المحتاج]
إنْشَاءٌ، فَإِنْ كَانَ خَبَرًا فَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَإِنْ كَانَ إنْشَاءً فَهُوَ كَعُقُودِهِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ. وَالثَّانِي يَصِحُّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَرِثَ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَأَجَابَهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. قَالَ الْمَرْعَشِيُّ وَهُوَ الَّذِي أَعْرِفُهُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ عَنْ قِصَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَنَّهُ كَانَ بَالِغًا عِنْدَ إسْلَامِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَا كَلَامَ، وَعَلَى عَدَمِ تَقْدِيرِهِ فَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا صَارَتْ مُعَلَّقَةً بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا أُنِيطَتْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ عَامَ الْخَنْدَقِ، فَقَدْ تَكُونُ مَنُوطَةً قَبْلَ ذَلِكَ بِسِنِّ التَّمْيِيزِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُتَنَفَّلُ بِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ لِئَلَّا يَفْتِنُوهُ، وَهَذِهِ الْحَيْلُولَةُ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا فَيُتَلَطَّفُ بِوَالِدَيْهِ لِيُؤْخَذَ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَبَيَا فَلَا حَيْلُولَةَ، وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ احْتِيَاطًا لِلْإِسْلَامِ وَلَا نَمْنَعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَيَدْخُلُ بِإِسْلَامِهِ الْجَنَّةَ إذَا أَسَرَّهُ كَمَا أَظْهَرَهُ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا، فَإِنْ بَلَغَ ثُمَّ وَصَفَ الْكُفْرَ هُدِّدَ وَطُولِبَ بِالْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَصَرَّ رُدَّ إلَيْهِمَا، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُمَيِّزِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُمَا قَطْعًا وَأَنَّهُ يَصِحُّ إسْلَامُ الْمُكَلَّفِ بِالنُّطْقِ لِلنَّاطِقِ، وَالْإِشَارَةِ لِلْعَاجِزِ عَنْ النُّطْقِ قَطْعًا، وَكَالْمُكَلَّفِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ، وَفِي أَطْفَالِ الْكُفَّارِ إذَا مَاتُوا وَلَمْ يَتَلَفَّظُوا بِالْإِسْلَامِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا، فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ، وَلَا يُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْآخِرَةِ لِمَا مَرَّ. .
[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرِقِّ اللَّقِيطِ وَحُرِّيَّتِهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ]
(فَصْلٌ) : فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرِقِّ اللَّقِيطِ وَحُرِّيَّتِهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ (إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، لَكِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ لَمْ أَحُدَّهُ حَتَّى أَسْأَلَهُ، فَإِنْ قَالَ أَنَا حُرٌّ حَدَدْتُ قَاذِفَهُ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا مُسْلِمٌ فِيهِ وَلَا ذِمِّيَّ فَهُوَ رَقِيقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute