كِتَابُ الْجَعَالَةِ
هِيَ كَقَوْلِهِ: مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا.
وَيُشْتَرَطُ صِيغَةٌ تَدُلُّ عَلَى
ــ
[مغني المحتاج]
[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]
بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ، اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ كَالْجَوْهَرِيِّ عَلَى الْكَسْرِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ عَلَى الْفَتْحِ، وَ (هِيَ) لُغَةً اسْمٌ لِمَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ وَكَذَا الْجُعْلُ وَالْجَعِيلَةُ. وَشَرْعًا الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ عَسُرَ عَمَلُهُ (كَقَوْلِهِ) أَيْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ (مَنْ) خَاطَ ثَوْبِي هَذَا قَمِيصًا فَلَهُ كَذَا أَوْ (رَدَّ آبِقِي) أَوْ آبِقَ زَيْدٍ (فَلَهُ كَذَا) فَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْمِثَالِ وَذَكَرَهَا تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ بَعْدَ بَابِ اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّهَا طَلَبُ الْتِقَاطِ الضَّالَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْإِجَارَةِ كَصَاحِبِ التَّنْبِيهِ وَالْغَزَالِيِّ وَتَبِعَهُمْ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ، خَبَرُ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ الرَّاقِي كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ وَيُسْتَأْنَسُ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: ٧٢] وَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ كَالْوَسْقِ، وَلَوْ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ لِمَا قَدَّمْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الْجَعَالَةِ عَلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرِيضُ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رُقْيَةٍ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ حَصَلَ فِيهِ تَعَبٌ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهَا فِي رَدِّ ضَالَّةٍ وَآبِقٍ وَعَمَلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِرَدِّهِ، وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى رَدِّهِ لِلْجَهْلِ بِمَكَانِهِ فَجَازَتْ كَالْقِرَاضِ، وَاحْتُمِلَ إبْهَامُ الْعَامِلِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ رُبَّمَا لَا يَهْتَدِي إلَى الرَّاغِبِ فِي الْعَمَلِ.
وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: صِيغَةٌ وَعَاقِدٌ وَعَمَلٌ وَجُعْلٌ، وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْهَا مُعَبِّرًا عَنْهُ بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ) فِيهَا لِتَتَحَقَّقَ (صِيغَةٌ) مِنْ الْجَاعِلِ مِنْ الصِّيَغِ السَّابِقَةِ وَنَحْوِهَا (تَدُلُّ عَلَى) إذْنٍ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute