كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ شَرْطُ حَدِّ الْقَذْفِ: التَّكْلِيفُ
ــ
[مغني المحتاج]
[كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]
ِ وَهُوَ بِمُعْجَمَةٍ (لُغَةً: الرَّمْيُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرَضِ التَّعْيِيرِ) لِيُخْرِجَ الشَّهَادَةَ بِالزِّنَا فَلَا حَدَّ فِيهَا إلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِهِ دُونَ أَرْبَعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ، فَفِي الْحَدِيثِ «مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ» سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ يُحْبِطُ عَمَلَ مِائَةِ سَنَةٍ» ، وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِبَيَانِ الْقَذْفِ فِي اللِّعَانِ عَنْ إعَادَتِهِ هُنَا. وَالْحَدُّ شَرْعًا: عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ وَجَبَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الزِّنَا، أَوْ لِآدَمِيٍّ كَمَا فِي الْقَذْفِ. وَسُمِّيَتْ الْحُدُودُ حُدُودًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَدَّهَا وَقَدَّرَهَا، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١] وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَدَّ فِي اللُّغَةِ: الْمَنْعُ، وَهِيَ تَمْنَعُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْفَوَاحِشِ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] الْآيَةَ، وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَزَلَتْ بَرَاءَةُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - جَلَدَ مَنْ قَذَفَهَا. وَالْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِالْقَذْفِ دُونَ التَّسَابٍّ بِالْكُفْرِ أَنَّ الْمَسْبُوبَ بِالْكُفْرِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَنْفِيَ عَنْهُ ذَلِكَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَتَيْنِ، بِخِلَافِ الزَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَفْيِ الزِّنَا عَنْهُ.
وَلِلْقَاذِفِ شُرُوطٌ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّف بِقَوْلِهِ (شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ) أَيْ: الْمَحْدُودِ بِسَبَبِ الْقَذْفِ (التَّكْلِيفُ) فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا، وَعَدَم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute