لَا بِمَضْيَعَةٍ فِي الْأَصَحِّ.
[فَصْلٌ] يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ
ــ
[مغني المحتاج]
الْقَبْرُ بِبَيْتٍ مُحْرَزٍ فَإِنَّهُ مُحْرَزٌ بِهِ، وَلَوْ تَغَالَى فِي الْكَفَنِ بِحَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يُخْلَى مِثْلُهُ بِلَا حَارِسٍ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ.
(لَا) كَفَنٌ فِي قَبْرٍ (بِمَضِيعَةٍ) أَيْ: بُقْعَةٍ ضَائِعَةٍ، وَهِيَ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ بِوَزْنِ مَعِيشَةٍ، أَوْ سَاكِنَةٍ بِوَزْنِ مَسْبَعَةٍ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ (فِي الْأَصَحِّ) كَالدَّارِ الْبَعِيدَةِ عَنْ الْعُمْرَانِ، لِأَنَّ السَّارِقَ يَأْخُذُ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ حَيْثُ كَانَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَهَابُ الْمَوْتَى. فُرُوعٌ: لَوْ كُفِّنَ الْمَيِّتُ مِنْ التَّرِكَةِ فَنُبِشَ قَبْرُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ طَالَبَ بِهِ الْوَرَثَةُ مَنْ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ وَإِنْ قَدِمَ بِهِ الْمَيِّتُ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَوْ وَلَدُهُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبْعٌ، أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ وَبَقِيَ الْكَفَنُ اقْتَسَمُوهُ كَذَلِكَ، وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ سَيِّدٌ مِنْ مَالِهِ، أَوْ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَانَ كَالْعَارِيَّةِ لِلْمَيِّتِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ إلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ابْتِدَاءً فَكَانَ الْمُكَفِّنُ مُعِيرًا عَارِيَّةً لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا كَإِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ فَيُقْطَعُ بِهِ غَيْرُ الْمُكَفِّنِينَ، وَالْخَصْمُ فِيهِ الْمَالِكُ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَالْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ وَضَاعَ وَلَمْ تُقَسَّمْ التَّرِكَةُ وَجَبَ إبْدَالُهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ الْكَفَنُ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ فَكَمَنْ مَاتَ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ، وَإِنْ قُسِّمَتْ ثُمَّ سُرِقَ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ إبْدَالُهُ. هَذَا إذَا كُفِّنَ أَوَّلًا فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ التَّكْفِينُ بِهَا عَلَى رِضَا الْوَرَثَةِ. أَمَّا لَوْ كُفِّنَ مِنْهَا بِوَاحِدٍ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَلْزَمَهُمْ تَكْفِينُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِثَانٍ وَثَالِثٍ، وَالْفَسَاقِي الْمَعْرُوفَةِ كَبَيْتٍ مَعْقُودٍ حَتَّى إذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِرْزٍ وَلَا لَهَا حَافِظٌ لَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَةِ الْكَفَنِ مِنْهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنَّ اللِّصَّ لَا يَلْقَى عَنَاءً فِي النَّبْشِ بِخِلَافِ الْقَبْرِ الْمُحْكَمِ فِي الْعَادَةِ، وَجَمْعُ الْحِجَارَةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَفْرِ كَالدَّفْنِ لِلضَّرُورَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْحَفْرُ، وَالْبَحْرُ لَيْسَ حِرْزًا لِكَفَنِ الْمَيِّتِ الْمَطْرُوحِ فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ آخِذُهُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَضَعَ الْمَيِّتَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَأَخَذَ كَفَنَهُ فَإِنْ غَاصَ فِي الْمَاءِ فَلَا قَطْعَ عَلَى آخِذِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ طَرْحَهُ فِي الْمَاءِ لَا يُعَدُّ إحْرَازًا، كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَغَيَّبَهُ الرِّيحُ بِالتُّرَابِ، وَلَوْ أُخْرِجَ الْمَيِّتُ مَعَ الْكَفَنِ فَفِي الْقَطْعِ وَجْهَانِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ مَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ الْحُرِّ الْعَاقِلِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ، وَإِذَا أَخَذَ الْكَفَنَ حِينَئِذٍ لَا قَطْعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ حِرْزٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ قَبْرٌ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ.
[فَصَلِّ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخِر]
[فَصْلٌ] فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ. وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا الْفَصْلَ إلَى قَوْلِهِ: وَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَوَّلَ الرُّكْنِ الثَّانِي لِلْقَطْعِ (يُقْطَعُ) جَزْمًا (مُؤَجِّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute