للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ عِدَّةُ الْحَامِلِ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ

وَانْفِصَالِ كُلِّهِ

ــ

[مغني المحتاج]

أَشْهَرُهَا مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ سِتُّونَ، وَقِيلَ خَمْسُونَ، وَقِيلَ سَبْعُونَ، وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ، وَقِيلَ تِسْعُونَ، وَقِيلَ: غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ لَا تَحِيضُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ، وَلَا تَحِيضُ بَعْدَ السِّتِّينَ إلَّا قُرَشِيَّةٌ، وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ الدَّمَ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ آخِرَ مَا رَأَتْهُ فِيهِ، وَيَعْتَبِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي سِنِّ الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرُؤْيَةِ دَمٍ قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ كُلًّا ثَبَتَ بِالِاسْتِقْرَاءِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ فِي السِّنِّ اسْتِقْرَاءٌ تَامٌّ لِتَيَسُّرِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ خِلَافٌ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَى خِلَافِهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلِهَذَا كَثُرَ الْخِلَافُ فِيهِ

[فَصْلٌ الْعِدَّة بِوَضْعِ الْحَمْلِ]

(فَصْلٌ) فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (عِدَّةُ الْحَامِلِ) مِنْ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ عَنْ فِرَاقِ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ (بِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] ، وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوَضْعِ (بِشَرْطِ) إمْكَانِ (نِسْبَتِهِ إلَى ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الْعِدَّةِ) زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي إمْكَانَ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَلِهَذَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهِ، كَمَا إذَا مَاتَ صَبِيٌّ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِنْزَالُ، أَوْ مَمْسُوحٌ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ فَلَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ بِوَلَدٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ كَأَنْ وَضَعَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ النِّكَاحِ أَوْ لِأَكْثَرَ وَكَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَسَافَةٌ لَا تُقْطَعُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْفُرْقَةِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ، لَكِنْ لَوْ ادَّعَتْ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا، أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَأَمْكَنَ، فَهُوَ إنْ انْتَفَى عَنْهُ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ

تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ نِكَاحُ وَوَطْءُ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا، إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَالْحَمْلُ الْمَجْهُولُ قَالَ الرُّويَانِيُّ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا، وَقَالَ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ، وَجُمِعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ كَالزِّنَا فِي أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ تَجَنُّبًا عَنْ تَحَمُّلِ الْإِثْمِ، وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ (وَ) بِشَرْطِ (انْفِصَالِ كُلِّهِ) أَيْ الْحَمْلِ فَلَا أَثَرَ لِخُرُوجِ بَعْضِهِ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الْجَنِينِ لِعَدَمِ تَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ وُجُوبَ الْغُرَّةِ بِظُهُورِ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَحَقُّقُ وُجُودِهِ، وَوُجُوبُ الْقَوَدِ إذَا حَزَّ جَانٍ رَقَبَتَهُ وَهُوَ حَيٌّ، وَوُجُوبُ الدِّيَةِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ إذَا مَاتَ بَعْدَ صِيَاحِهِ، وَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ ضَعْفُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ أَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ تَثْبُتُ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>