فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا بِنَسِيئَةٍ وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا،
ــ
[مغني المحتاج]
يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولٌ قَطْعًا، وَعَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ يَمْتَنِعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْمَنْعِ كَمَا رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ. كَمَا أَنَّ التَّصَرُّفَ يَنْفُذُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ بِالتَّعْلِيقِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ.
[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ]
ِ بِالْبَيْعِ لِأَجَلٍ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْوَكَالَةِ أَرْبَعَةَ أَحْكَامٍ: الْأَوَّلُ الْمُوَافَقَةُ فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْقَرِينَةِ، كَمَا قَالَ (الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا) أَيْ تَوْكِيلًا لَمْ يُقَيَّدْ بِشَيْءٍ (لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ لَزِمَ الْبَيْعُ بِأَغْلَبِهِمَا، فَإِنَّ اسْتَوَيَا فَبِأَنْفَعِهِمَا لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا تُخُيِّرَ، فَإِنْ بَاعَ بِهِمَا وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ جَاز كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ.
تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِالْبَلَدِ بَلَدُ الْبَيْعِ لَا بَلَدُ التَّوْكِيلِ، لَكِنْ لَوْ سَافَرَ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ بِغَيْرِ إذْنٍ وَبَاعَهُ فِيهَا اُعْتُبِرَ نَقْدُ بَلَدِ حَقِّهِ أَنْ يَبِيعَ فِيهَا، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمُطْلَقِ الْبَيْعِ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُك لِتَبِيعَ بِكَذَا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِبَلَدٍ وَلَا أَجَلٍ وَلَا نَقْدٍ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ لِتَقْيِيدِ الْبَيْعِ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْبَيْعُ لَا بِقَيْدٍ (وَلَا) يَبِيعُ (بِنَسِيئَةٍ) ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ الْحُلُولُ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ غَالِبًا (وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا) بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ مَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَدِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ، وَيَخْتَلِفُ الْمُحْتَمَلُ كَمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ بِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الْأَمْوَالِ، فَلَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَالْعَشَرَةُ إنْ تُسُومِحَ بِهَا فِي الْمِائَةِ فَلَا يَتَسَامَحُ بِالْمِائَةِ فِي الْأَلْفِ وَلَا بِالْأَلْفِ فِي الْعَشَرَةِ آلَافٍ، فَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ لِلْعَادَةِ، وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَثَمَّ رَاغِبٌ مَوْثُوقٌ بِهِ بِزِيَادَةٍ لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ وُجِدَ الرَّاغِبُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفَسْخُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ انْفَسَخَ كَمَا مَرَّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاغِبُ مُمَاطِلًا وَلَا مُتَجَوِّهًا وَلَا مَالَهُ أَوْ كَسْبَهُ حَرَامٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute