للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَى الْجِنَايَاتِ الثَّلَاثِ كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا؛ لِأَنَّ جُرْحَهُمْ صَارَ قَتْلًا بِالسِّرَايَةِ، وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْآخَرَيْنِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ فِي الرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى مِلْكِهِ وَالْآخَرَانِ جَنَيَا عَلَى حُرٍّ، وَفِيمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْهُ الْقَوْلَانِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ لِلسَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَمِنْ أَرْشِ الْقَطْعِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَعَلَى الثَّانِي أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَثُلُثِ الْقِيمَةِ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَقَدْ وَقَعَ هُنَا لِابْنِ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحَيْهِ وَهْمٌ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَاحْذَرْهُ اهـ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ فَحَزَّ آخَرُ رَقَبَتَهُ بَطَلَتْ السِّرَايَةُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ، وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِلْوَارِثِ، فَإِنْ قَطَعَ الثَّانِي يَدَهُ الْأُخْرَى بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ حُزَّتْ رَقَبَتُهُ، فَإِنْ حَزَّهَا ثَالِثٌ بَطَلَتْ سِرَايَةُ الْقَطْعَيْنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ، وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلْوَارِثِ، وَعَلَى الثَّالِثِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِلْوَارِثِ، وَإِنْ حَزَّهُ الْقَاطِعُ أَوَّلًا قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، فَإِنْ قُتِلَ بِهِ سَقَطَ حَقُّ السَّيِّدِ، وَإِنْ عَفَا عَنْهُ الْوَارِثُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَلِلسَّيِّدِ مِنْهَا الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا وَنِصْفِ الْقِيمَةِ، أَوْ حَزَّهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ، وَقِصَاصُ النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِلْوَارِثِ، وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ حَزَّهُ الثَّانِي قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ.

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي وَفِي إسْقَاطِ الشِّجَاجِ]

(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي وَفِي إسْقَاطِ الشِّجَاجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ) وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَا لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ كَأُذُنٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ (وَ) لِقِصَاصِ (الْجُرْحِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَلِغَيْرِهِمَا مِمَّا دُونَ النَّفْسِ (مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ) مِنْ كَوْنِ الْجَانِي مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا، وَكَوْنِهِ غَيْرَ أَصْلٍ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَكَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا وَمُكَافِئًا لِلْجَانِي، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي الْبَدَلِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ، فَيُقْطَعُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ، وَبِالْعَكْسِ، وَالذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمِ، وَالْعَبْدُ بِالْحُرِّ، وَلَا عَكْسَ، وَكَوْنِ الْجِنَايَةِ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَمِنْ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ لَا فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ. وَمِنْ صُوَرِ الْخَطَأِ: أَنْ يَقْصِدَ أَنْ يُصِيبَ حَائِطًا بِحَجَرٍ فَيُصِيبَ رَأْسَ إنْسَانٍ فَيُوضِحَهُ. وَمِنْ صُوَرِ شِبْهِ الْعَمْدِ: أَنْ يَضْرِبَ رَأْسَهُ بِلَطْمَةٍ أَوْ بِحَجَرٍ لَا يَشُجُّ غَالِبًا لِصِغَرِهِ فَيَتَوَرَّمَ الْمَوْضِعُ إلَى أَنْ يَتَّضِحَ الْعَظْمُ.

تَنْبِيهٌ: مُرَادُ الْمُصَنِّفِ إلْحَاقُ ذَلِكَ بِالنَّفْسِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِلَّا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَصَا الْخَفِيفَةِ إنَّهُ عَمْدٌ فِي الشِّجَاجِ؛ لِأَنَّهُ يُوضِحُ غَالِبًا، وَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ فِي النَّفْسِ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا إذَا كَانَ الْحَجَرُ مِمَّا يُوضِحُ غَالِبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>