وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْت مَا لَك عَلَى زَيْدٍ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ، وَأَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِعَشَرَةٍ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ لِتِسْعَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ. فَإِنْ كَفَلَ بَدَنَ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ،
ــ
[مغني المحتاج]
بِخِلَافِ إسْقَاطِ الْمَظَالِمِ، وَبِهَذَا جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ. قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ يُسَامِحُ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْت مَا لَك عَلَى زَيْدٍ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ بِذِكْرِ الْغَايَةِ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمِقْدَارِ فَإِنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَالْعَشَرَةِ (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِعَشَرَةٍ) إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ فِي الِالْتِزَامِ.
(قُلْتُ: الْأَصَحُّ لِتِسْعَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إدْخَالًا لِلطَّرَفِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ، وَقِيلَ لِثَمَانِيَةٍ إخْرَاجًا لِلطَّرَفَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: رَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ وُقُوعَ الثَّلَاثِ، وَقِيَاسُهُ تَعَيُّنُ الْعَشَرَةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ آسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَلَوْ ضَمِنَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَقَالَ: ضَمِنْت دَرَاهِمَك الَّتِي عَلَى فُلَانٍ صَحَّ فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي التَّفْوِيضِ فِي الصَّدَاقِ لِدُخُولِهَا فِي اللَّفْظِ بِكُلِّ حَالٍ.
[فَصْلٌ فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ]
ِ، وَتُسَمَّى أَيْضًا كَفَالَةَ الْوَجْهِ (الْمَذْهَبُ صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ) فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي مَنْعُهَا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ الْتِزَامُ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَاسْتُؤْنِسَ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} [يوسف: ٦٦] وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ. وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَفَالَةُ الْبَدَنِ ضَعِيفَةٌ أَرَادَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ (فَإِنْ كَفَلَ بَدَنَ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِالْبَدَنِ لَا بِالْمَالِ (وَ) لَكِنْ (يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْمَالِ (مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ) فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ الْمُكَاتَبِ لِلنُّجُومِ الَّتِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا كَمَا مَرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute