وَأَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً، وَكَذَا مَعِيبَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَجُوزُ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ بِبَاقِي الْخِصَالِ فِي الْأَصَحِّ.
فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ
ــ
[مغني المحتاج]
فَرْعٌ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ هَلْ هُوَ كُفْءٌ لِلرَّشِيدَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ غَالِبًا بِالْحَجْرِ عَلَى الزَّوْجِ، فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي.
وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ خِصَالَ الْكَفَاءَةِ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:
نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ ... فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدُ
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَاءَةِ (لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ) أَيْ لَا تُجْبَرُ نَقِيصَةٌ بِفَضِيلَةٍ فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ عَجَمِيَّةٌ بِرَقِيقٍ عَرَبِيٍّ، وَلَا سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيئَةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ، وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَبْدٍ عَفِيفٍ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْأَبِ (تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً) لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْعَنَتِ الْمُعْتَبَرِ فِي نِكَاحِهَا بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِهَا بِشَرْطِهِ (وَكَذَا مَعِيبَةً) بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَالْبَرْصَاءِ لَا يُزَوِّجُهُ بِهَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ، وَفِي قَوْلٍ: يَصِحُّ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْبُطْلَانِ فِي تَزْوِيجِهِ الرَّتْقَاءَ وَالْقَرْنَاءَ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالًا فِي بُضْعٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ مَجْبُوبًا، وَإِنْ زُوِّجَ الْمَجْنُونُ، أَوْ الصَّغِيرُ عَجُوزًا، أَوْ عَمْيَاءَ، أَوْ قُطَعَاءَ، أَوْ الصَّغِيرَةُ بِهَرِمٍ، أَوْ أَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ فَوَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي صُورَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُمَا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ فِي صُورَةِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إنَّمَا يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ مِنْ الْكُفْءِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ كُفْءٌ فَالْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مُخْتَلِفٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِهِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي شُرُوطِ الْإِجْبَارِ (وَيَجُوزُ) لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَ (مَنْ لَا تُكَافِئُهُ بِبَاقِي الْخِصَالِ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَاءَةِ كَنَسَبٍ وَحِرْفَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعَيَّرُ بِافْتِرَاشِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، نَعَمْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا، وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَدْ صَرَّحَا بِهِ أَوَّلَ الْخِيَارِ حَيْثُ قَالَا: وَلَوْ زُوِّجَ الصَّغِيرُ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ وَصَحَّحْنَاهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ غِبْطَةٌ.
[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]
فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (لَا يُزَوَّجُ) عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ (مَجْنُونٌ) وَلَا مُخْتَلٌّ وَهُوَ مَنْ فِي عَقْلِهِ خَلَلٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا مُبَرْسَمٌ (صَغِيرٌ) لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَاجَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute