فَإِنْ مَكَثَ بَطَلَ.
فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ
وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ جَمِيعَ النَّهَارِ.
وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْفَجْرِ وَرَصَدَ بِحَيْثُ لَا حَائِلَ فَهُوَ أَوَّلُ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرُ (فَإِنْ مَكَثَ بَطَلَ) صَوْمُهُ - أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ لِوُجُودِ الْمُنَافِي - وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ لَا النَّزْعَ، فَعَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مَنْعُ الْإِيلَاجِ - أَيْ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ.
[فَصْلٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ]
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الصِّيَامُ مُنَبِّهًا عَلَى شُرُوطِهِ، فَقَالَ: (فَصْلٌ) (شَرْطُ الصَّوْمِ) أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ (الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ بِحَالٍ، أَصْلِيًّا كَانَ أَمْ غَيْرَهُ (وَالْعَقْلُ) أَيْ التَّمْيِيزُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْمَجْنُونِ وَالطِّفْلِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِفُقْدَانِ النِّيَّةِ، وَيَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ.
(وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ (جَمِيعَ النَّهَارِ) فَلَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ رِدَّةٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بَطَلَ صَوْمُهُ، وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ بُطْلَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ وَإِنْ قَلَّ، وَلَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: عَدَمُ الْبُطْلَانِ أَقْوَى، فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْغُسْلِ كَوْنُهُ مَنِيًّا مُنْعَقِدًا، وَخُرُوجُهُ بِلَا مُبَاشَرَةٍ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ اهـ. وَمَالَ إلَى هَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَدْ جَمَعْتُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فِي بَابِ الْحَيْضِ فَرَاجِعْهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الْإِمْسَاكُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ.
(وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ) لِجَمِيعِ النَّهَارِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ، وَالثَّانِي يَضُرُّ كَالْإِغْمَاءِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يَخْرُجُ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ بِدَلِيلِ سُقُوطِ وِلَايَتِهِ عَلَى مَالِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ النَّائِمِ فِيهِمَا، فَإِنْ أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ جَزْمًا (وَالْأَظْهَرُ) وَفِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ (أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ) أَيَّ لَحْظَةٍ كَانَتْ، اتِّبَاعًا لِزَمَنِ الْإِغْمَاءِ زَمَنَ الْإِفَاقَةِ، فَإِنْ لَمْ يُفِقْ ضَرَّ. وَالثَّانِي وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ: يَضُرُّ مُطْلَقًا كَالْحَيْضِ. وَالثَّالِثُ: عَكْسُهُ كَالنَّوْمِ. وَالرَّابِعُ: إنْ أَفَاقَ فِي أَوَّلِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْفَارِقِيُّ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ الْأَوَّلُ إفَاقَتَهُ لَحْظَةً؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَقْلِ فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ، فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ كَالنَّوْمِ لَأَلْحَقْنَا الْأَقْوَى بِالْأَضْعَفِ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُ تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لَأَلْحَقْنَا الْأَضْعَفَ بِالْأَقْوَى، فَتَوَسَّطْنَا وَقُلْنَا إنَّ الْإِفَاقَةَ فِي لَحْظَةٍ كَافِيَةٌ وَلَوْ شَرِبَ مُسْكِرًا لَيْلًا، فَإِنْ أَفَاقَ فِي بَعْضِ نَهَارِهِ فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَذَا نَقَلَاه وَأَقَرَّاهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ أَيْ إذَا أَفَاقَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute