وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ وَكَذَا التَّشْرِيقُ فِي الْجَدِيدِ.
وَلَا يَحِلُّ التَّطَوُّعُ يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ، فَلَوْ صَامَهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ، وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةً تَطَوُّعُهُ
ــ
[مغني المحتاج]
بَعْضِ النَّهَارِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّوْمِ قَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ فَيَصِحُّ الصَّوْمُ فِي أَيَّامِ السَّنَةِ كُلِّهَا لَا مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ) أَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَلَوْ عَنْ وَاجِبٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِلْإِجْمَاعِ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ (وَكَذَا التَّشْرِيقُ) أَيْ أَيَّامُهُ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ الْأَضْحَى لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا (فِي الْجَدِيدِ) وَلَوْ لِمُتَمَتِّعٍ لِلنَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» وَفِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ صَوْمُهَا لِلْمُتَمَتِّعِ إذَا عَدِمَ الْهَدْيَ عَنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُشَرِّقُونَ فِيهَا لُحُومَ الْأَضَاحِيّ وَالْهَدَايَا - أَيْ يَنْشُرُونَهَا - وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ فِيهَا بِذِكْرِهِ.
(وَلَا يَحِلُّ) أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ (التَّطَوُّعُ) بِالصَّوْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ) لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (١) رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ، وَضَعَّفَهُ السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ صَوْمِ شَعْبَانَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ إذَا أَلِفَتْ شَيْئًا هَانَ عَلَيْهَا، وَلِهَذَا كَانَ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْ اسْتِمْرَارِ الصَّوْمِ كَمَا سَيَأْتِي. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ الْكَرَاهَةُ لَا التَّحْرِيمُ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ، هَذَا إذَا صَامَهُ (بِلَا سَبَبٍ) يَقْتَضِي صَوْمَهُ (فَلَوْ صَامَهُ) تَطَوُّعًا بِلَا سَبَبٍ (لَمْ يَصِحَّ) صَوْمُهُ (فِي الْأَصَحِّ) كَيَوْمِ الْعِيدِ بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا قَالَ (وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ) وَالْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ؛ وَلِأَنَّ لَهُ سَبَبًا فَجَازَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَإِطْلَاقُهُ يَتَنَاوَلُ قَضَاءَ الْمُسْتَحَبِّ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ إنَّ قَضَاءَ الْفَائِتَةِ فِيهَا جَائِزٌ وَإِنْ كَانَتْ نَافِلَةً، وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يُفْسِدَهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةً تَطَوُّعُهُ) . قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute