الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ فَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ ثِنْتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ خَمْسَةٌ:
ــ
[مغني المحتاج]
الْإِسْنَوِيُّ: وَبَيْنَ الْكَلَامَيْنِ تَنَافٍ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا تَنَافِيَ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي جِهَةِ يَمِينِهِ إذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرْجِعَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى أَوْ وَافَقَتْ جِهَةَ يَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى أَوْلَى لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ: انْصَرَفْنَا مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا انْصَرَفَ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ: اللَّهُمَّ بِحَمْدِكَ انْصَرَفْتُ وَبِذَنْبِي اعْتَرَفْتُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اقْتَرَفْتُ» ، وَإِنْ أَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [التوبة: ١٢٧] [التَّوْبَةُ] .
(وَتَنْقَضِي الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ) التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَا، فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهَا عَامِدًا بِلَا نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ، وَفَارَقَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، فَلَا يَرْبِطُ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْأُولَى إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ (فَلِلْمَأْمُومِ) الْمُوَافِقِ (أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ) لِانْفِرَادِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ حِينَئِذٍ فَيَسْجُدُ (ثُمَّ يُسَلِّمُ) وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ فِي الْحَالِ.
أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ عَقِبَ التَّسْلِيمَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ تَشَهُّدِهِ، فَإِنْ مَكَثَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ، فَإِنْ كَانَ مَحَلَّ تَشَهُّدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ تَطْوِيلُهُ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ) (هُوَ ثِنْتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ الثَّانِيَةِ وَلِزَوَالِ الْمُتَابَعَةِ بِالْأُولَى بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَثَلًا لَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ.
خَاتِمَةٌ: سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ بِعَظِيمٍ مِنْ خَلْقِهِ كَالنَّبِيِّ وَالْمَلَكِ وَالْوَلِيِّ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَلَّمَ بَعْضَ النَّاسِ: اللَّهُمَّ إنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ إلَخْ فَإِنْ صَحَّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلَا يُقْسَمُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي دَرَجَتِهِ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ خَوَاصِّهِ. اهـ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
[بَابٌ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]
بَابٌ بِالتَّنْوِينِ مُشْتَمِلٌ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا، وَقَدْ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (شُرُوطُ الصَّلَاةِ خَمْسَةٌ) وَالشُّرُوطُ جَمْعُ شَرْطٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُوَ لُغَةً الْعَلَامَةُ، وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ: أَيْ: عَلَامَاتُهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِنْ قَالَ شَيْخُنَا: الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ: إلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ، لَا الْعَلَامَةُ وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute