للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، وَيُكْرَهُ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، وَسَبُّ الرِّيحِ، وَلَوْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى رَفْعَهُ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، وَلَا يُصَلَّى لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَتْنِ (مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ) عَلَيْنَا (وَرَحْمَتِهِ) لَنَا (وَيُكْرَهُ) قَوْلُ (مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) بِفَتْحِ نُونِهِ وَهَمْزِ آخِرِهِ: أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ إلَى الْأَنْوَاءِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ النَّوْءَ مُمْطِرٌ حَقِيقَةً، فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ الْفَاعِلُ لَهُ حَقِيقَةً كَفَرَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حِكَايَةً عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ.

فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَاكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَذَاكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَفَادَ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالْبَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا لَمْ يُكْرَهْ، وَهُوَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْمَطَرِ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ الْفَتْحِ، ثُمَّ يَقْرَأُ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر: ٢] (وَ) يُكْرَهُ (سَبُّ الرِّيحِ) وَتُجْمَعُ عَلَى رِيَاحٍ وَأَرْوَاحٍ، بَلْ يُسَنُّ الدُّعَاءُ عِنْدَهَا لِخَبَرِ «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ: أَيْ رَحْمَتِهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَلَوْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ) وَهِيَ ضِدُّ الْقِلَّةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْرِيرِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا. قَالَ فِي الْمُحْكَمِ وَبِضَمِّهَا (فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى رَفْعَهُ) بِأَنْ يَقُولُوا كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا شُكِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ (اللَّهُمَّ) اجْعَلْ الْمَطَرَ (حَوَالَيْنَا) فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمَرَاعِي (وَلَا) تَجْعَلْهُ (عَلَيْنَا) فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْبُيُوتِ: «اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَالْآكَامُ بِالْمَدِّ جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ إكَامٍ بِوَزْنِ كِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَكَمَةٍ، وَهُوَ التَّلُّ الْمُرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جَبَلًا. وَالظِّرَابُ بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَة جَمْعُ ظَرِبٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ جَبَلٌ صَغِيرٌ (وَلَا يُصَلَّى لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ وُرُودِ الصَّلَاةِ لَهُ.

خَاتِمَةٌ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْت لِأَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ عَلِّمْنِي شَيْئًا يُقَرِّبُنِي إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُقَرِّبُنِي مِنْ النَّاسِ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي يُقَرِّبُك إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَمَسْأَلَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يُقَرِّبُك مِنْ النَّاسِ فَتَرْكُ مَسْأَلَتِهِمْ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» ثُمَّ أَنْشَدَ: [الْكَامِلَ]

اللَّهُ يَغْضَبُ إنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ ... وَبُنَيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ.

[بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ]

ِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَصَالَةً جَحْدًا أَوْ غَيْرَهُ، أَخَّرَ الْغَزَالِيُّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>