للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ صَلَّوْا لِسَوَادٍ، ظَنُّوهُ عَدُوًّا فَبَانَ غَيْرُهُ قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ.

فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

لِأَنَّهُ يَخَافُ فَوْتَهَا وَيَخْطُبُ لَهَا إنْ أَمْكَنَ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا تُشْرَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا كَسُنَّةِ الْفَرِيضَةِ وَالتَّرَاوِيحِ، وَأَنَّهَا لَا تُشْرَعُ فِي الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ.

(وَلَوْ صَلَّوْا) صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (لِسَوَادٍ) كَإِبِلٍ وَشَجَرٍ (ظَنُّوهُ عَدُوًّا) لَهُمْ أَوْ كَثِيرًا، بِأَنْ ظَنُّوا أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ضِعْفِنَا (فَبَانَ) الْحَالُ (غَيْرُهُ) بِخِلَافِهِ أَوْ بَانَ كَمَا ظَنُّوا، وَلَكِنْ بَانَ دُونَهُ حَائِلٌ كَخَنْدَقٍ، أَوْ شَكُّوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْهَا (قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ) لِتَفْرِيطِهِمْ بِخَطَئِهِمْ أَوْ شَكِّهِمْ كَمَا لَوْ أَخْطَئُوا أَوْ شَكُّوا فِي الطَّهَارَةِ. وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ الْخَوْفِ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَقْضُونَ بِمَا مَرَّ لَوْ صَلَّوْا صَلَاةَ عُسْفَانَ أَوْ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَذَا الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فِيهَا عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ صَلَاتَيْ بَطْنِ نَخْلٍ وَذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا فِي الْأَمْنِ، وَلَوْ بَانَ بَعْدَ صَلَاتِهِمْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ مَا رَأَوْهُ عَدُوًّا كَمَا ظَنُّوا، وَلَا حَائِلَ وَلَا حِصْنَ، وَلَكِنْ نِيَّتُهُمْ الصُّلْحُ وَنَحْوُهُ كَالتِّجَارَةِ فَلَا قَضَاءَ، إذْ لَا تَفْرِيطَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْخَطَإِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُمْ مُفَرِّطُونَ فِي تَأَمُّلِهِ، وَلَوْ ظَنَّ الْعَدُوَّ يَقْصِدُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَلَا قَضَاءَ قَطْعًا كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ صَلَّى مُتَمَكِّنًا عَلَى الْأَرْضِ فَحَدَثَ خَوْفٌ مُلْجِئٌ لِرُكُوبِهِ رَكِبَ وَبَنَى، فَإِنْ لَمْ يُلْجِئْهُ بَلْ رَكِبَ احْتِيَاطًا أَعَادَ وُجُوبًا، فَإِنْ أَمِنَ الْمُصَلِّي وَهُوَ رَاكِبٌ نَزَلَ حَالًا وُجُوبًا وَبَنَى إنْ لَمْ يَسْتَدْبِرْ فِي نُزُولٍ الْقِبْلَةَ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ، وَكُرِهَ انْحِرَافُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي نُزُولِهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ أَخَّرَ النُّزُولَ بَعْدَ الْأَمْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

(فَصْلٌ) فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ (يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ وَكَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ) وَهُوَ مَا يُحَلُّ عَنْ الدُّودَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا. وَالْقَزُّ وَهُوَ مَا قَطَعَتْهُ الدُّودَةُ وَخَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً وَهُوَ كَمَدِّ اللَّوْنِ (بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ) مِنْ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ إلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ كَلُبْسِهِ وَالتَّدَثُّرِ بِهِ وَاتِّخَاذِهِ سِتْرًا. أَمَّا لُبْسُهُ لِلرَّجُلِ فَمُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلِلْخُنْثَى احْتِيَاطًا. وَأَمَّا مَا سِوَاهُ فَلِقَوْلِ حُذَيْفَةَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» (١) ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخَذَ فِي يَمِينِهِ قِطْعَةَ حَرِيرٍ وَفِي شِمَالِهِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ، وَقَالَ هَذَانِ - أَيْ اسْتِعْمَالُهُمَا - حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» (٢) وَعَلَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>