فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ، وَفِي قَوْلٍ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي، فَعَلَى الْأَظْهَرِ يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَالتَّقْسِيطُ قِيلَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَقِيلَ بِالتَّسْوِيَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَا لَوْ دَفَعَ الْمَالَ عَنْهُمَا فَإِنَّهُ يُقَسَّطُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا كَفِيلٌ. قَالَ: فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِذَا عُيِّنَ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ أَوْ التَّعْيِينِ؟ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَلَوْ تَبَايَعَ مُشْرِكَانِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ وَسَلَّمَ مَنْ الْتَزَمَ الزِّيَادَةَ دِرْهَمًا ثُمَّ أَسْلَمَا، فَإِنْ قَصَدَ بِتَسْلِيمِهِ الزِّيَادَةَ لَزِمَهُ بَرِئَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا وُزِّعَ عَلَيْهِمَا وَسَقَطَ بَاقِي الزِّيَادَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَصْلَ، وَإِنْ قَصَدَ الْأَصْلَ شَيْئًا عَيَّنَهُ لِمَا شَاءَ مِنْهُمَا.
[فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ]
ِ (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ) الْمُتَنَقِّلَةِ إلَى الْوَارِثِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ، إذْ يَمْتَنِعُ عَلَى هَذَا تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِيهِ جَزْمًا بِخِلَافِ إلْحَاقِهِ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ. وَاغْتُفِرَ هُنَا جَهَالَةُ الْمَرْهُونِ بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ (وَفِي قَوْلٍ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ، وَقِيلَ كَحَجْرِ الْفَلَسِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ قَوْلُ الْفُورَانِيِّ وَالْإِمَامِ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ» وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ مَرْهُونَةً رَهْنًا اخْتِيَارِيًّا فَإِنْ كَانَ لَمْ تَتَعَلَّقْ الدُّيُونُ الْمُرْسَلَةُ فِي الذِّمَّةِ بِالتَّرِكَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الدَّيْنَ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ التَّرِكَةِ فَوَفَّى الْوَارِثُ قَدْرَهَا فَقَطْ أَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ مِنْ الرَّهِينَةِ وَلَا سِيَّمَا قَوْلُهُ بَعْدُ: وَيَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَنْفَكُّ (فَعَلَى) الْأَوَّلِ (الْأَظْهَرُ يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ) فِي رَهْنِ التَّرِكَةِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَالْمَرْهُونِ. وَالثَّانِي: إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute