للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ] جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَمِيَ أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ، وَكَذَا لَوْ فُسِّقَ فِي الْأَصَحِّ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَصْبِ الْقَاضِيَيْنِ يَجْرِي أَيْضًا فِي أَكْثَرَ مِنْ قَاضِيَيْنِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: بِشَرْطِ أَنْ يَقِلَّ عَدَدُهُمْ، فَإِنْ كَثُرَ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا وَلَمْ يَحُدُّوا الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ بِشَيْءٍ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُنَاطَ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ.

تَتِمَّةٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ قَلَّدَهُ: أَيْ الْإِمَامُ بَلَدًا وَسَكَتَ عَنْ نَوَاحِيهَا، فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِإِفْرَادِهَا عَنْهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي وِلَايَتِهِ، وَإِنْ جَرَتْ بِإِضَافَتِهَا دَخَلَتْ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ رُوعِيَ أَكْثَرُهَا عُرْفًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا رُوعِيَ أَقْرَبُهُمَا عَهْدًا.

[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِضُ لِلْقَاضِي مِمَّا يَقْتَضِي عَزْلَهُ أَوْ انْعِزَالَهُ]

[فَصْلٌ] فِيمَا يَعْرِضُ لِلْقَاضِي مِمَّا يَقْتَضِي عَزْلَهُ أَوْ انْعِزَالَهُ (جُنَّ قَاضٍ) أَطْبَقَ جُنُونُهُ أَوْ تَقَطَّعَ كَمَا يَقْتَضِيه إطْلَاقُهُمْ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْبُغَاةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَزَمَنُ الْإِفَاقَةِ أَكْثَرُ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقِيَامُ بِالْأُمُورِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ. قِيلَ: وَقِيَاسُهُ فِي الْقَاضِي كَذَلِكَ، وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَمِيَ) وَفِي مَعْنَى الْعَمَى الْخَرَسُ وَالصَّمَمُ (أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ) مُخِلٍّ بِالضَّبْطِ (لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ) فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ لِانْعِزَالِهِ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَمْنَعُ مِنْ وِلَايَةِ الْأَبِ، فَالْحَاكِمُ أَوْلَى.

تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهَا يُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ قَضَاءِ الْأَعْمَى مَا لَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَتَعْدِيلَهَا ثُمَّ عَمِيَ فَإِنَّ قَضَاءَهُ يَنْفُذُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إشَارَةٍ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا انْعَزَلَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، بَلْ لَوْ عَادَ بَصَرُهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِلْ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ لِمَا عَادَ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي الْجِنَايَاتِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ. أَمَّا الْمُقَلِّدُ لِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ، فَإِذَا خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى. قَالَ: وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذِهِ الرُّتْبَةَ وَهُوَ الْمَوْجُودُ الْيَوْمَ غَالِبًا فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَيُشْبِهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ أَدْنَى تَغَفُّلٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ فَيُقْدَحُ فِي وِلَايَتِهِ مَا عَسَاهُ يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. الثَّالِثُ: الْمَرَضُ الْمُعْجِزُ لَهُ عَنْ النَّهْضَةِ وَالْحُكْمِ يَنْعَزِلُ بِهِ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ، فَإِنْ رُجِيَ أَوْ عَجَزَ عَنْ النَّهْضَةِ دُونَ الْحُكْمِ لَمْ يَنْعَزِلْ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. الرَّابِعُ لَوْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ قَاضِيًا، فَفِي الْبَحْرِ يَنْعَزِلُ، وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إذَا تَعَمَّدَ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الْإِخْفَاءِ. الْخَامِسُ: لَوْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ قَاضِيًا لَمْ يَنْعَزِلْ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَكَذَا لَوْ فُسِّقَ) لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ، وَيَنْعَزِلُ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي لِلْوِلَايَةِ. وَالثَّانِي يَنْفُذُ كَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِحُدُوثِ الْفِتَنِ وَاضْطِرَابِ الْأُمُورِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>